عين «الأخ الأكبر» !
“ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً”.. قلة من يتحلون بهذه الصفة العالية، ويكد الكثيرون فلا يلحقون بأطرافها، ويضربون لها أكباد الإبل، ويشقون النفوس في طلبها فلا يكون حظهم منها إلا قليلاً، ولأننا في دولة تتسم بالحكمة، ورجالها تلزمهم أخلاق وطباع خير وبعد بصيرة، فقد كان التعامل مع قضية مقتل المبحوح على أنها قضية يمكن أن تحدث في شارع في باريس كما حدثت مرات وفي سنوات غير بعيدة، وقد تحدث في مكان عام في أحد شوارع لندن، كما حدثت مراراً في سنوات متفرقة، حدثت في السويد ولشبونة وروما، وفي ولايات أميركية عدة، الجريمة قد تحدث في أي مكان، ويمكن أن تتخذ صفة الجريمة السياسية أو جريمة جنائية عادية، ونحن في الإمارات يمكن أن نكون أكثر حظاً في نسبة الجرائم السياسية، فمنذ السبعينات حين تم اغتيال وزير الدولة للشؤون الخارجية سيف غباش وحتى هذا العام يمكن أن نعد مثل تلك الجرائم على اليد الواحدة، ولو زادت على ذلك يجب أن لا تعيبنا المسألة، ولا تجعلنا نتحرج من ذكرها وإخبار العالم بها، واليوم ولأن الإمارات أصبحت محطة للتلاقي والعبور والعمل ومقصد الكثيرين من الجهات الأربع، علينا أن نتوقع حدوث مثل تلك الجريمة التي تأخذ بعداً، لأن وراءها دولا بأجهزتها السرية، وإمكانياتها غير المحدودة وشبكاتها العنقودية المتعددة، لكن هناك فرقا أن تحدث الجريمة، ولا تسمع بها الأجهزة الأمنية أو تختبئ وراء خيبتها، ولا تعطي للناس تفصيلاً أو خبراً مؤكداً وتفضح القاتل، وتخلي براءتها من دم القتيل، الأجهزة الأمنية في دولة الإمارات، وفي شرطة دبي كانت مثالاً للاحترافية، ومثالاً لليقظة، ومثالاً للشفافية، فبسطوا كل الأوراق الموجودة، ولتتحمل كل جهة أو دولة أو اتحاد نصيبه من وقوع تلك الجريمة!
وأكبر في الفريق ضاحي خلفان أنه ظهر في المؤتمر الصحفي وهو يرتدي زيه الوطني البسيط، وفي يده كنز من الحقائق، ولو كان واحد غيره، وفي بلد آخر ممن يحبون التباهي، ويحبون المغنم من كل غارة، ويحبون البطولات الوهمية ولو على أكتاف الآخرين، ويحبون الظهور العلني، ولو لم يحملوا جزءا من الحقيقة، لكن أبا فارس اختلف عن الآخر في البلد الآخر الذي لو قدر وصار، لظهر وهو يرفع صورة الرئيس، ويرفع أصبعيه علامة النصر أمام الكاميرات ووسائل الإعلام، ولن يفوته أن يرتدي بزته العسكرية التي طلب تفصيلها على عجل، وأظهر كل نياشينه وأوسمته الصدئة من داخل الصناديق المعدنية، بحيث تثقل على صدره، ولا يستطيع أن يقدم يومها حقيقة واضحة، بكلمات واضحة، لأن الهدف غير الهدف، والحكمة غائبة!