ما كل ما يبدأ جميلاً ينتهي جميلاً.. وما من استفتاء وضع مع نهاية كل عام، يستطيع أن يقنعنا بشفافيته وموضوعيته وقوة وتماسك معاييره، حتى نقبل بنتائجه بلا مزايدة، فهناك دائماً هامش يظل مفتوحاً للتشكيك والتوجس.
أخرج المغرب كعادته نسخة جميلة من حفل جوائز الاتحاد الأفريقي لكرة القدم بحاضرته الجميلة والساحرة مدينة مراكش الحمراء، بل إن المغرب سينقل هذا الحفل، وهو ينظم نسخه الثلاث الأخيرة توالياً، إلى مراتب الإتقان والجودة، ليضاهي ما عداه من «أوسكار» الاتحادات القارية الأخرى، لكن ما ترك لنهاية هذا العرض الجميل، جائزة اللاعب الأفضل في أفريقيا، سيصيب كل المغاربة بلا استثناء بالصدمة، والاستفتاء يعلن النيجيري أديمولا لوكمان مهاجم نادي أتالانتا الإيطالي، متوجاً بهذه الجائزة على حساب نجم «أسود الأطلس» وعميدهم أشرف حكيمي، وكأني بهذا الاتحاد الأفريقي ممعن في تعذيب المغاربة، بعد أن فضّل استفتاؤه العام الماضي النيجيري فيكتور أوسيمين على حارس عرين «الأسود» ياسين بونو، الذي قدم عاماً مثالياً، بدأه بتألق لافت في «مونديال قطر»، واختتمه بقيادة ناديه إشبيلية الإسباني إلى الفوز بكأس «يوروبا ليج».
هناك حاجة لمقاربة درجة العدالة في تطبيق المعايير مُرتَّبة بحسب الأهمية على كل اللاعبين، ودرجة التزام المصوتين بالمصداقية التي تحجم مساحات العاطفة عند الاختيار، لأن محصلة الجائزة الأهم في حفل «الأوسكار» تصيب بالحيرة، بل وتقول، إن هناك ظلماً وقع على بونو، ومن بعده أشرف حكيمي، وقد كانت تهمتهما التي لا يقبل بها العقل، أن أحدهما حارس، والآخر مدافع، وفي العادة يمكن لمهاجم أن يسجل ثلاثية في مباراة نهائية لمسابقة قارية من درجة ثانية، مثل حال لوكمان ليعلن اللاعب الأفريقي الأفضل في العام، بينما المنطق يفرض أن يحاكم اللاعب على سنته كاملة، بأرقامها وإحصائياتها قبل ألقابها وتتويجاتها، ولو طبقنا هذا المعيار لرجحت كفة أشرف حكيمي، الذي قدّم عاماً استثنائياً ارتقى به إلى مرتبة الظهير الأيمن الأفضل في العالم، بل إنه سيقدم لكرة القدم الحديثة بحسب الخبراء، التقليعة الجديدة للظهير المدافع في ثوب المهاجم.
وحتى على مستوى الألقاب، فإن أشرف حكيمي تفوق على لوكمان الذي حقق فقط كأس «يوروبا ليج» مع ناديه أتلانتا، بينما نجح «أسد» المغرب في تحقيق ثلاثة ألقاب محلية مع نادي باريس سان جيرمان، ووصل إلى نصف نهائي دوري الأبطال، ونجح أيضاً في قيادة «الأسود الأولمبيين» إلى التتويج ببرونزية «أولمبياد باريس».
سنظل إلى ما لا نهاية نحصر لهذه الاستفتاءات نواقص في البنية وفي المحتوى، في ترتيب المعايير، وفي تلجيم العواطف، وما يتبع ذلك من نعرات، وإلا لانطبقت عليها مقولة: «كم من استفتاءات قضيناها بتركها!».