أينما تحل الفوضى، ينمو التخلف، وتكبر دائرته بحيث تصبح بحيرة مغلقة، لا تنفث غير الروائح النتنة. وأينما ينضج الأمن، وتبيض ساحته، تنمو أشجار التطور، وتصبح في الزمان واحة تستقر فيها الطيور، وتزدهر صدور الساكنين، وتزخر المرافق بعلو الكعب، ونصوع مراياه.
في الإمارات شعار الأمن أولاً، هو ذاك الترياق الذي صنع كل هذا الرفاه الاجتماعي، وكل هذا البذخ الاقتصادي، وكل هذا النسيج الثقافي الوثاب، والذي عانق فضاءات العالم حتى أصبحت الإمارات اليوم الفسيفساء الكونية، والمنمنمات الرائقة تملأ شعاب وهضاب الحياة في مختلف تنوعاتها، وتشعباتها، وألوانها، وأشكالها.
فالاستقرار الأمني هو ثيمة الرواية الوطنية، وهو بيت القصيد في تميز الإمارات دولة راعية للسلام الإنساني، يعيش الجميع على ترابها، يجمعهم الحب، ويشملهم التضامن، تعمهم الابتسامة الأشف من قطرات الندى.
في حادثة القتيل المولدوفي «زفي كوغان» لم يمر على الحادثة أكثر من يوم حتى استطاعت يد الأمن أن تضع حداً للسؤال، وتأتي بالجناة ليصبحوا اليوم بين يدي العدالة، وهذا الحدث يدلل على أن اليقظة الأمنية في بلادنا تسير كتفاً بكتف مع الوعي الاجتماعي بأهمية الشفافية في العلاقات بين مختلف الجنسيات، وأطيافها المتنوعة؛ لأنه ما من سلام يحضر من دون وئام بين الوجوه الثقافية، ولا استقرار يتم من دون الوعي بأهمية أن يتجاوز الإنسان أنانيته، ويتكئ على وسائد ضمير حي، يحترم الآخر، وينسجم معه، ويعيشان معاً، على مائدة اجتماعية تفيض بالحب، وتمتلئ بالإدراك أن الاستقرار الاجتماعي يبدأ من هنا.. من التفاهم، والتناغم، كما هو التناغم بين الموجات الصوتية في آلة العزف الموسيقية.
الإمارات بهذا الوعي الواسع استطاعت أن تنجز مشروعها الحضاري وبكل فخر، وتمكنت أن تحقق أهدافها التنموية بجدارة، والوصول إلى التطلعات المستقبلية بامتياز، والعناق مع الطموحات باستثنائية وفرادة، جعلتها تتصدر المعايير العالمية في بناء مجتمع ينمو بأزهار بيضاء، ورائحة عطرية لها ذائقة التين والزيتون.
الإمارات خرجت كما زهرة اللوتس عبر الأيام، لتزهر وتمنح الحياة بهجتها، تمنح الإنسان حقه في الوجود، وتمضي في الزمان ريانة بالحقيقة، جذلانة بما تنجزه من مشاريع، مذهلة، وما تؤكده على الواقع أنها دولة الحقيقة، وأنها وطن الإنسان ومن دون تصنيف أو تحريف، أو تحريف الإنسان العاشق للحياة، الإنسان المتصالح مع نفسه، ذلك الكائن المندمج مع طبيعته، المتآخي مع أخيه الإنسان، الذاهب عميقاً في العلاقات الإنسانية، ومثل هكذا وطن لا بد أن يكون منتصراً على الضغينة، ولا بد أن يهزم تطلعات النفس الأمارة.