في الأسرة جناحان وأضلع، وفي الأسرة محور ودائرة ارتكازها في صدر كبار المواطنين.
هكذا تنطلق مؤسسة التنمية الأسرية في أبوظبي، وهكذا تتعاطى مع الهمّ الإنساني بشفافية ومسؤولية وأخلاقية والتزام.
كبار السن كما أنهم يمثلون التاريخ، فهم التجربة التي مرت من هنا، من نخيل المجتمع، ومن صحرائه وبحره، ومن وشائج أحلامه التي ترعرعت بين الرموش، ونهضت، وشبت، ويفعت، وأينعت، وحققت الأحلام التي صارت في الأيام فراشات تلون حياتنا بالفرح، وتشكل مجتمعنا كأجمل المجتمعات التي ترتع في بساتين الرخاء، وفيض العطاء.
اليوم عندما ننظر إلى الجيل الشاب، ونتمعن في وجهه، نرى سحنة الآباء مدموغة على الوجنات، ونرى البشرة النحاسية وقد توردت وأصبحت صفحة بيضاء ناصعة من غير سوء، لأن الذين تكرمهم مؤسسة التنمية الأسرية، وتعتني بهم هم الذين نقشوا ذلك اللون الزاهي على وجوه من ورثوا المركب ليديروا ألفة باتجاه المستقبل، أولئك هم كبار المواطنين الذين سعوا وسهروا لكي يأتي من بعدهم الأبناء والأحفاد كي يمسكوا بلجام الخيل، ويذهبوا بالوطن نحو غايات وأهداف رسمت في الوجدان ولم تزل مرسومة، وتحقق المزيد هو المراد، وإنجاز الأجمل هو الهدف، ووضع الوطن دوماً في مقدمة الطابور الإنساني، هو الحقيقة التي تستند إليها مشاعر الإنسان الإماراتي.
فالاعتناء بكبار المواطنين هو رعاية للتاريخ، وهو اهتمام بالوطن وركائزه ومحور بنائه، وجوهر نشوئه، وحقيقة تكوينه، ومؤسسة التنمية الأسرية تلعب دوراً ريادياً واستثنائياً في هذا الصعيد، وهو الدور الحضاري الريادي الذي تتألق به الإمارات، وتمتاز به دون غيرها، وهذا يوضح لنا أن الاهتمام بالإنسان يعني الاهتمام بالشجرة التي جاءت بالثمرات، ولا يمكن استمرار العطاء بجودة ومهارة، دون التركيز على هكذا مبدأ طبيعي وجوهري، يلزم المجتمع الإمساك به.
اليوم نحن نشهد هذا السلوك الحضاري في مختلف مؤسساتنا الوطنية، وبخاصة الخدماتية، ذلك البوح الجميل، وتلك المشاعر الحانية التي يلقاها كبار المواطنين وهم يؤمّون تلك المؤسسات، ونرى شباباً وشابات من بني هذا التراب الغالي، يستقبلون كبار المواطنين بصدور رحبة، وابتسامات كأنها الفراشات تلون وجوههم السمحة، نرى الاندفاع بحب نحو هذه الفئة الغالية، والاستجابة بكل أريحية وشفافية ومشاعر أشف من الغيمة، وكلمات أرق من جناح الطير لمطالب فئة أصبحت عنوان العلاقات ذات اللون الوردي الذي يملأ أروقة مؤسساتنا، وأصبح هذا السلوك الرائق مبعث فرح عندما ترى الشباب مثل الفراشات يحومون حول رجل أو امرأة أذاب الزمن من عمرهما ما أذاب، ولم يبق سوى القلب الذي يحتضن تاريخ وسنوات عمر بلغت مبلغاً حسناً، عندما نرى أثرها على وجوه شبابنا وشاباتنا، حفظهم الله، وزين دنياهم.