- سُكوتُكَ إضافةٌ إلى نهرِ المعنى. أما كلامُكَ، فسوف يقودُكَ إلى الهلاك إن قلتَ: أين الحقيقة؟ وقد نراكَ مَنْفياً إلى خارجِ ذاتك. وأما إن حَمَلتَ القلمَ، فإنَّ المَطارقَ كُلَّها ستَلتَفِتُ إليكَ.
- في نهايةِ الأمرِ، يصيرُ كُلٌّ منَّا كومةً من ذكريات. نَجلِسُ في حضنِ الزمنِ نتأمَّلُ رحلةَ الوجودِ وكأنَّها فيلمُ سينما قصير، لكنه مع ذلك، فيلمٌ لا ينتهي.
- هناك رجلٌ يُحدِّقُ كلَّ يومٍ في الورقةِ ولا يجني منها سوى الفراغ، وهناك شاعرٌ ضريرٌ، يتحسَّسُها بأصابعه الهشّة، ويكتبُ عليها ما لن تراهُ عينٌ قطُّ.
- معجزةٌ حقاً أن نرى المتبرِّمَ في النهايةِ يضحك، في تلك اللحظةِ التي يُدرِكُ فيها أن انحيازَهُ للصرامةِ طوالَ الوقت كان مرضاً نفسياً، والأجدرُ لو أنه وضعَ الفكرةَ اللَّيِّنةَ مع الفكرةِ اليابسةِ وصنعَ منهما رؤيةً حُلْوةً لوجودِه المُرِّ.
- ليست الحكمةُ أن ترى الحياةَ قاربَ نجاةٍ لتقفزَ فيه، وإنما هي قاربٌ يغرق، وعليكَ أن تتعلَّمَ السباحةَ لتقفزَ منه، أو أن تُدَرِّبَ نفسكَ على الطيران، لتَحلِّقَ مُبتعداً عن مآسيه.
- «عِشْ تائهاً»، قال لي الشاعرُ. ففي المتاهةِ نبعُ الاكتشاف. «عش مجنوناً»، قال لي الفيلسوفُ. ففي الجنونِ رأسُ الحكمةِ كُلِّها. «سأقبَلُ بقلبِكَ إن كذَّبْتَهُما وصَدَّقْتَني»، قالت لي المرأةُ. وهكذا استيقظَتْ في داخلي أسئلةُ البركانِ.
- الذهابُ بعيداً في طرحِ الأسئلة، يُشبهُ المشيَ على حدِّ سيفٍ. إن انزلقتَ للحظةٍ، تصيرُ نصفين، وإن أكملتَ الطريقَ أدركتَ عِلَّةَ فنائكَ.
- كُلُّ البشرِ يحلمونَ بالحريةِ، لكنهم لا يعرفونَ شكلَها ولا ذاقوا طعمَها أبداً. حتى الأطفالُ في المَهْدِ، يُدَرَّبونَ على الكفِّ عن الصراخِ، كي لا يوقِظَ صوتُهم هذا، قلقَ الهانئينَ في نعيمِ الخوف.
- طالما اكتشفتُ بعدَ فواتِ الأوان، أن علاقتي ببعضِ الأصدقاء كانت علاقةَ إبرةٍ ببالونٍ. والغريبُ أنني كُلَّما تعرَّفتُ على أصدقاءَ جُدُدٍ، نسيتُ هذه الحكمةَ الذهبيةَ.
- كنتُ مخطئاً حين نَهَبْتُ صفةَ الغزالِ ومنحتُها للمرأةِ المُكتظَّةِ بالعُقَدِ والأوهام. كان الأجدرُ أن أَدَعَ الغزالةَ تَرعى في براري الروح، وأن أظلَّ أُطارِدُ انفلاتَها إلى الأبد.
- لم يَحدُثْ قطُّ أن أضاعَ البخيلُ مفتاحَ صندوقِه السِّرِّيّ. لم أسمعْ بحكايةٍ مثلِ هذه حتى في الخُرافات. قلتُ هذا للحارس الذي وجدني تائهاً، وقد أضعتُ المفتاحَ والطريقَ والبيتَ.
- لا تُصَدِّقْ إشارةَ المرورِ يا بُنيَّ. الحياةُ ليست فقط أخضرَ أو أحمرَ، بل هي كسرُ أبوابٍ، وهَدْمُ أفكارٍ، وتَقَلُّباتٌ في لَذَّةِ الانتقالِ من النقيضِ إلى النقيض.