منذ صدورها، أدركت «الاتحاد الصحيفة» حجم الطموح في «الاتحاد الوطن»، فتحولت إلى مشروع معرفي يُعبِّر عن دولة الإمارات، ويسرد تفاصيل قصتها، ويواكب فصول تقدمها، ويعزز تفاعلها مع العالم المتحضر، حيث المهمة الكبيرة والمسؤولية الأكبر.
واليوم، وفي الذكرى الـ 55 لصدورها، اختارت «الاتحاد» أن يكون «الذكاء الاصطناعي» عنواناً لمنتداها التاسع عشر، لتواصل دورها كإعلام تنموي، يحرص دوماً على فتح نوافذ معرفية على المستقبل، في وقت باتت فيه بلادنا مثالاً عالمياً على استيعاب ثورة التكنولوجيا وإيقاعها السريع.
ولعل كون الإمارات جزءاً من هذا الحراك التكنولوجي العالمي، يعكسُ جانباً من طموحاتها التنموية ورؤيتها لاقتصاد مستدام؛ ذلك لأن قيادتنا الرشيدة تؤمن بأن التقنيات الحديثة أحد أقوى الجسور المؤدية للمستقبل، وبأن امتلاك زمامها يعني ترسيخ استقرارنا الاقتصادي ومكانتنا العالمية، ومستقبل أجيالنا المقبلة.
فلا يخفى على متابع أن الإمارات أصبحت حاضنة للابتكار، ومنصة مثالية لتطوير تطبيقات الذكاء الاصطناعي عبر استراتيجيات وتشريعات ومبادرات ومؤسسات علمية واستثمارات ضخمة، وهي تستثمر اليوم في تفوقها الرقمي، بل وتساهم في صناعة المشهد التكنولوجي العالمي برؤى وخطوات استباقية لا تنتظر المستقبل بل تصنعه، وتشارك العالم في الاستعداد له، وتقدم له توصياتها للتعامل الأمثل معه.
فقد عملت بلادنا على امتلاكنا بنية مؤسسية مواكبة لعصر التكنولوجيا، واستحدثت منظومة سياسات وبرامج واستراتيجيات وطنية، وكانت الدولة الأولى في العالم التي تؤسس مجلساً وزارياً للثورة الصناعية الرابعة، وتُعيِّن وزيراً للذكاء الاصطناعي، وفق سياسات استباقية جعلتها أكثر استعداداً لاستحقاقات القفزة التكنولوجية الحالية والمقبلة، وأهَّلها لتكون مختبراً عالمياً لنماذج وتطبيقات ونجاحات تلك القفزة، وتعاضد مؤسساتها لبيان سبل تلافي سلبياتها.
وهنا، تتأكد أهمية دورنا كمؤسسة وطنية في توفير فهم أعمق للذكاء الاصطناعي وتطبيقاته وإمكانياته وفرصه، خصوصاً أنه يعتبر حالياً أبرز التقنيات المتقدمة في العالم وأسرعها تأثيراً وانتشاراً، الأمر الذي يستلزم استعداداً أمثل لتنظيم استخداماته ومواجهة تحدياته التي قد يشكلها في السنوات والعقود المقبلة، حتى لا يباغت العالم بأي مستجدات.
فالتعامل مع الذكاء الاصطناعي من منظوره الإماراتي، ينبغي أن يكون في إطار شامل ومسؤول، وحوكمة مدروسة؛ لأنه كما يحمل فرصاً واعدة للنمو والتطوير والابتكار، وتحسين جودة الحياة وصناعة مستقبل أفضل للبشرية.. فإنه في الوقت نفسه يتطلب بنى تشريعية وضوابط ومعايير تمنع سوء استخدامه، وتضمن توجيه بوصلته نحو غدٍ أفضل، الأمر الذي أكده لفيف من الكتّاب والباحثين والمفكرين وخبراء التكنولوجيا، في منتدى الاتحاد التاسع عشر.
ستواصل «الاتحاد الصحيفة» التعبيرَ عن  قضايا «الاتحاد الوطن»، في إطار مهمّتها الكبرى التي اختارها لها الراحل الكبير المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، شاهداً على التأسيس، ومواكباً للبناء، ومساندَاً للجهود التنموية والتكنولوجية الضخمة والمتسارعة في بلادنا.