بين صدرين يكمن السعار ويشتد الغبار والعالم الوفي يصرخ بأعلى الصوت، هلموا يا أبناء الأرض لننظف بيتنا، فالسماء تعج بغبار الجائحات الطبيعية، والأرض تئن من سعار الإنسان الذي خرج من كهف الماضي ليدخل في نفق الحاضر المأزوم بالنفس الأمارة، المكظوظ بحماقة المكتنزين حقداً وكراهية ضد الحياة، المعاندين للفرح.
اليوم، نجد في العالم دولة خرجت من بين ضلوع الجغرافيا، حاملةً راية السلام، متأزِّرة بروح المحبة، مملوءة بمشاعر التضامن، تخفق بعوالم خارج أطر الواقع البشري المزدحم بعلاقات غير طيبة مع الحياة، مع الغير، لأن هناك في العقل الباطن يكمن التاريخ الملوث بحثالة قهوة مُرة وباردة.
الإمارات وهي تتكئ على تاريخ من أحلام السد والود، تبدو في العالم اليوم كوردة تنبثق من تحت طين الواقع، لتقول للعالم إنه رغم كل التشققات في قماشة العلاقات بين دول العالم إلا أن الأمل يظل موجوداً، طالما أن هناك قيادات لم تزل تعكف على قراءة الواقع الإنساني بعين لم يغشها غبار السنين، قيادة آمنت بأن الحياة ليست خيطاً مقطوعاً بين شعوب العالم، بل هو موصول حتى نهاية الجغرافيا، ومنذ بدء التاريخ ولا نهاية للحب مهما بدت ومهما تراءت للآخرين بأن العالم ليس إلا خيطاً ممدوداً إلى نهاية التاريخ.
الإمارات زهرة اللوتس تخرج من تحت طين هذه التعارضات العالمية وتقول بالفم الملآن، نحن هنا ونحن الذين نلوِّن الحياة بالفرح لأننا نؤمن بأن الحياة ليست حفرة سوداء، تتعثر بها الأقدام، بل هي طريق مفتوحة على التضامن، طريق ممتدة إلى قلوب عشاق الحياة، والمؤمنين بأننا أبناء الأرض وواجبنا أن نحفظ الود مع مكوناتها، ونسعى دوماً إلى تنقيتها من شوائب وخرائب ومصائب الزمان وأبناء الزمان.
الإمارات آمنت بتحمل المسؤولية الجسيمة، وأخذت على عاتقها واجب الصون للحياة الإنسانية على هذه الأرض والتي هي قاسمنا المشترك كبشر، وهي محيطنا الذي يطوق أعناقنا بمسؤولية الدفاع عنها، وحمايتها من الرثاثة، وخبث العبثية، ورجس العدمية، وجشع الذين استعدوا أنفسهم ضد الطبيعة والإنسان على حد سواء، منذ أن فكر الإنسان بنفسه ومنذ أن قال «أنا» فسارت عجلته الذاتية عكس التيار الكوني، وذهبت نفسه مذهب الرياح العاتية، تحطم أغصان شجرة الحياة، وتبيد أعشابها، وتحطم الآمال، وتهشم زجاجة الأمنيات.
وعي الإمارات السباق جعلها اليوم تقود المسيرة البشرية إلى وئام مزدهر بالقوانين التي تستطيع الإطاحة بكل ما هو مضاد للحضارة، وكل ما هو رهان خاسر على الأنانية، والذات المغلقة، والنفس المكلومة، بصراعاتها الداخلية، والروح المثلومة بجفافها العاطفي.
في العالم اليوم دول تنزلق نحو النهايات القصوى، لأنها توارت خلف دخان الضغينة، ولأنها تسلقت الفضاء الخارجي بسلالم من ورق، فما استطاعت أن تصل، ولا أن تقف، لأن الوعي مصاب بأزمة تلاشٍ، ولأن المشاعر لحقها غبار سميك، ولأن الطموحات أصبحت، جنوحاً نحو الهاوية.
هذا ما تنادي الإمارات إلى رفعه عبر تضامن الشعوب والحكومات والهيئات الدولية والمنظمات الإنسانية، ليبقى العالم سليماً، معافى من درن الأنانية والجشع والغضب.