قبل سنوات عدة وعبر هذه الزاوية، طرحت في مقال بعنوان «عوار قلب» موضوع التسميات الغريبة والعجيبة للعصائر والوجبات السريعة التي تُقدَّم في محال العصائر والمأكولات السريعة. ومن بين تلك التسميات كان هذا الاسم لعصير منها. وتناولنا للأمر جاء من باب حث البلديات والجهات الصحية والاقتصادية، ليس فقط لمواصلة جهودها الكبيرة لضمان سلامة ما يصل لبطوننا من غذاء يباع في تلك المنافذ من حيث الصلاحية، والمكونات، وظروف العرض والتخزين، ولكن أيضاً من ناحية الاهتمام بجوانب احترام الذوق العام والذائقة الجمالية، وهي أمور متصلة بعضها ببعض وتندرج ضمن أطر الاعتناء بالإنسان وصحته البدنية والنفسية وسلامته.
أشرنا حينها إلى أن بعض مطاعم الوجبات السريعة ومحال العصائر «الشعبية» منها، والتي تُدار من قبل عمالة آسيوية، تجد في قوائم الطعام الخاصة بها أسماء لوجبات وعصائر تفتقر للذوق واحترام اللغة بل وتخدش الحياء. اليوم دخلت منافذ عربية على الخط لتقدم منتجاتها بمسميات غاية في السخف وانحدار الذوق إلى درجة خدش الحياء، اعتماداً على الشهرة الكبيرة التي أصابتها في مواطنها الأصلية، متناسية حقيقة أن ما يكون مقبولاً في مجتمع من المجتمعات ليس بالضرورة أن يكون كذلك في مجتمعاتنا الخليجية المحافظة.
هناك أيضاً «الورطات» التي تتسبب فيها ترجمات بعض المواقع، مثل ذلك المحل الكبير الذي ترجم عصير فاكهة مشهورة في جنوب شرق آسيا وأفريقيا الشرقية إلى «عصير الرغبة».
ومع تلك المسميات المسيئة والخادشة للذوق قبل أي شيء آخر، هناك بُعد آخر يتعلق بدورها في مخالفة الجهود الوطنية الكبيرة من قبل الجهات الصحية فيما يتعلق بالسيطرة على السمنة وما يترتب عليها ويرتبط بها من أمراض، وفي مقدمتها السكري والضغط وغيرهما.
وقد تابعنا انصياع وامتثال منافذ بيع الوجبات السريعة والعصائر التي تتبع سلاسل عالمية للضغوط الحكومية في بلدانها وحملات الهيئات والدوائر الصحية فيها بضرورة خفض السعرات الحرارية في وجباتها ومراقبة مكوناتها والإعلان عنها.
للأسف، المنافذ التي نعتبرها عندنا محلية أو «شعبية» تعمل بعيداً عن تلك الضغوط، ولجذب أكبر شريحة من المستهلكين، خاصة من الفئة العمرية الشبابية المراهقة، نجدها تتجاوز المتعارف عليه في وجباتها كل نسب وحصص السكريات والدهون والنشويات وغيرها من المواد، وكأنها لم تسمع في يوم من الأيام بشيء اسمه المؤشر الوطني لمكافحة السمنة. لذلك، لا يعنيها ما نتحدث عنه. اليوم ومع استفحال الأمر، نتمنى من الجهات المختصة متابعة ما يجري، وحفظ الله الجميع من «عوار القلب» وتوابعه.