المبادرة سمة الشخصية الارتكازية والمحورية والتي لا تتكئ على حائط مبكى رخي، شخصية تملك ميكانيزمات دفاعية ذاتية قادرة على التحليل، والإمساك بالحلول من دون الوقوف عند شطآن المناداة، والاستغاثة كي تصل إلى بر الأمان.
أبادر ولا أنتظر، كلمتان من بوح صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، ومن يستدعي الذاكرة، لما قرأه في كتابه «قصتي» تتجلى له روح الكلمات في مضمون هذا الكتاب، حيث نقش صفحات هذا الكتاب بحياة حافلة بالمبادرات، والمثابرات، والوثبات، والإنجازات، والمدهشات من المشاريع الاقتصادية، والثقافية التي تقف اليوم شاهدة على ما يقوله سموه ولا يعبر عنه إلا بكل صدق وصراحة وكل نجاعة نابعة من وجدان شاعر، أجج في القصيدة روح الانبهار، وفارس روض الخيل بزعفران النفس المطمئنة، وصنع من دبي أيقونة تزهر على مر الزمان بمنمنمات جعلت من هذه الإمارات رائعة إبداعية مذهلة في خيالها، مبدعة في رونقها، مسفرة دوماً بشامخات سامقات، باسقات، يافعات، يانعات، سابحات في فضاءات الدنيا، بأجنحة الجمال، ومهارة الكمال، إنها المبادرة التي لا تنتظر من متردد ولا من محبط ولا من مبتل بالنكوص إلى غايات سوداوية مدلهمة، كأنها الغرابيب السود موحشة متوحشة، قابضة على زمام العجز، ممسكة بعصا التواكل، منتمية إلى فلول الأرانب المهزومة.
«أبادر ولا أنتظر»، كلمتان تعبران محيط الذاكرة، فتنقشان على ظهر الموجة موال البحار في سفره الطويل، وترسمان صورة الغواص وهو يداعب درة الأعماق الزرقاء، ويكتب على صدر الزمان، هنا كان الإنسان، وهنا كافح من أجل حياة أفضل، وهنا سارت سفن الكد والمدح، من أجل عيون كحلها من سواد الليل، ورمشها من أهداب الشمس، ولحظها سيف بجارحة النصل الممشوق.
«أبادر ولا أنتظر»، كلمتان كأنهما نجمتان، إحداهما في ضمير الأرض، والأخرى تلون السماء ببريق فني يخلب اللب.
كلمتان تختزلان التاريخ في دبي، وتمزجان الجغرافيا، بدماء من تعرقت أيديهم لما صب الزمان ولعه في عروق لها رائحة الصحراء، وعرق الرمال الصفراء الذهبية.
كلمتان لهما في ضمير الإنسان الإماراتي دوزنة وتر الربابة، وهي تصدح تحت جدائل الغافة العريقة، ولهما في الوعي دروس، وعبر، وحلم طفولة يرتل في الفؤاد معنى أن نكون في الحياة، أنشودة خلود وأن تكون الحياة رحلة الأبدية في ثقافة قائد.
«أبادر ولا أنتظر»، كلمتان مثل مجدافي قارب سحري، والشراع مدى بلا حدود، والأهداف سماء تلون قماشتها نجوم التألق وتدفق العطاء كأنه السيل في عروق وديان الشغف.
تشعر وأنت تقرأ كلمات سموه وكأنك تسير على الماء، وكأنك تنقش فؤادك ببلل السحابات الرخية.
تشعر وكأنك أمام ناسك القصيدة، وباني مجدها. لأن ما يحدث في واقع بلادنا، أمر تنحني له إرادة الشرفاء وعشاق الأحلام الزاهية.