من واقع نتائج الجولة الأولى، من تصفيات الدور الثالث الآسيوية لكأس العالم، سيكون الانطباع أن خريطة كرة القدم في القارة تشهد تغييراً قادماً.
ولكن هذا مجرد انطباع من النتائج، والانطباع ليس تحليلاً، ولا يجب أن يكون رأياً قاطعاً، فكيف كان الأداء، وهو الأهم، لأنه القاعدة التي ترفع فرقاً، وتقلل من فرق في منافسات الطرق الطويلة الوعرة.
«الأبيض» لعب شوطاً قوياً أمام قطر، وهو الشوط الثاني، لكن لماذا لم يلعب بالقوة والانضباط نفسيهما في الشوط الأول، والبدايات في غاية الأهمية، والشخصية تظهر من الدقيقة الأولى، إلا أن الفريق كان ممتازاً للغاية في قدرته على العودة للمباراة، ونجح بسرعات لاعبيه، وبالجبهة اليمنى الخطيرة في تهديد مرمى منتخب قطر، واستطاع أن يسجل، وينهي المباراة بفوز كبير 3-1، ويعكس تطوراً في مستواه.
ولكن في ملعب «الجوهرة المشعة» شاهدت إندونيسيا ترهق «الأخضر» أحد كبار الكرة الآسيوية، واستعان الفريق الإندونيسي بالشراسة لدرجة العنف، وكان ذلك تعويضاً عن نقص مهارات التكتيك واللعب الجماعي، ونقص المهارات الفردية.
إلا أن العنف ليس سلاحاً يمكن أو يجوز الاستناد عليه في كرة القدم. ونتيجة التعادل 1-1 بين الفريقين، تشير إلى رياح التغيير القادمة من جنوب شرق آسيا ومنها إندونيسيا، والصين، والفلبين، وماليزيا، وتايوان وسنغافورة، وفيتنام، وكمبوديا، وغيرها، لكنها مجرد رياح قادمة تشير إلى مستقبل يتغير في الخريطة، فلم تعد منتخبات شرق وغرب آسيا هي «الحيتان» التي تفترس «الأسماك الصغيرة» أو «السردين».
فوز اليابان على الصين بسبعة أهداف، رسخ حالة الضعف التي أصابت الكرة الصينية، فمن انطلاق ثورة تصحيح الكرة الصينية عام 1994 إلى مطلع الألفية الثالثة، ودخول القطاع الخاص للعبة، دخل الفساد والتلاعب في النتائج، وتراجعت كرة القدم، وتراجع الدوري الصيني وفقد بريقه.
ولم يعد كافياً أن يتمنى الرئيس الصيني بناء 50 ألف أكاديمية، لنشر اللعبة وترسيخها في أكبر بلد في العالم من ناحية عدد السكان.
تضمنت المفاجآت في النتائج، فوز البحرين على منتخب أستراليا في عقر داره، وتلك مفاجأة نتيجة، إلا أن الفريق الأسترالي امتلك الكرة، وسيطر، ثم طرد منه كوسيني ينجي للعنف، في الدقيقة 77، وبينما تتجه المباراة للتعادل السلبي، ومن هجمة لمنتخب البحرين، أرسل عبدالله الخلاصي الكرة لترتطم باللاعب هاري سوتار، وتسكن الشباك، ويمنح هذا الهدف فوزاً للبحرين بـ «نيران صديقة».
وحقق منتخب فلسطين نتيجة جيدة، بالتعادل مع كوريا الجنوبية سلبياً، إلا أن الفريق الكوري هو الذي ظل يهاجم، وتألق رامي حمادة حارس مرمى فلسطين في مواجهة الهجوم الكوري، لكنها نتيجة أخرى تشير إلى رياح التغيير في الكرة الآسيوية.
** بعيداً عن النتائج، تظل الحقيقة المؤكدة أن صراع شرق وغرب آسيا قديم، وعمره نصف قرن تقريباً، وما زال هو الذي يفرز الأبطال في بطولات الاتحاد الآسيوي المختلفة، وحتى التأهل إلى «المونديال»، لأن النتائج وحدها لا تكفي..؟