الميدالية الذهبية التي أحرزتها الجزائرية كايليا نمور (17 عاماً) في الجمباز، بمسابقة العارضتين مختلفتي الارتفاع، هي ميدالية تاريخية.. وبعيداً عن الإفراط في استخدام كلمة تاريخي أو تاريخية، هي ميدالية بالفعل كذلك، وللمرة الأولى في تاريخ المشاركات العربية منذ عام 1912 تحقق كايليا ميدالية في الجمباز وهي رياضة شديدة التعقيد والصعوبة على المستوى الأولمبي، وتساوي تقريباً أن تحرز بطلة عربية ذهبية في السباحة أو في سباق 100م عدواً، على سبيل المثال، وقد دخلت كايليا كتاب التاريخ بدرجة صعوبة اللعبة والمنافسة.
جمعت البطلة الجزائرية 15.600 نقطة وهزمت بطلة العالم الصينية تشيوان تشيو.
ليس مهماً أن كايليا ولدت في فرنسا، وتدربت ونمت موهبتها هناك، فهي جزائرية مثلت بلادها وهي بطلة أفريقيا، ووقفت بفخر واهتمام تنصت إلى نشيد الجزائر الوطني، والمسألة هنا تشبه الإشارة غير الدقيقة إلى أن منتخب فرنسا لكرة القدم ليس فرنسياً ولكنه أفريقي، وهذا غير صحيح، فإذا كان 9 من التشكيلة الأساسية أصحاب البشرة السمراء، ذلك لأنهم من أصول أفريقية، إلا أنهم أبناء مهاجرين، ولدوا وتعلموا وتدربوا وصنعت مهاراتهم في فرنسا، والعديد من أبطال الألعاب الفردية عاشوا في الولايات المتحدة وتدربوا في جامعاتها وصنعت مهاراتهم في أميركا، لكنهم يمثلون بلادهم الأصلية في بطولات العالم أو الألعاب الأولمبية.
في باريس مائدة رياضية شديدة الرقي ورفيعة المستوى التنافسي، والفوز بميدالية في الألعاب الأولمبية يمثل شرفاً رياضياً ووطنياً أيضاً، وانظروا كيف بكى الصربي ديوكوفيتش بعد فوزه الصعب على منافسه الإسباني ألكاراز في نهائي التنس بعد أن تعادلا في المجموعتين، وحسم ديوكوفيتش البطولة بكسر التعادل، وانغمس في بكاء لم يفعل مثله مع تفوقه في بطولات جراند سلام، وقد بكى أيضاً ألكاراز، لأنه خسر ذهبية بلاده، وتلك هي قيمة الألعاب الأولمبية، لكن ذلك الشرف الرياضي والوطني لا يؤثر أبداً على الروح الرياضية بين المتنافسين.
خريطة بعض الألعاب تغيرت ومنها السباحة، فلم تعد سيطرتها أميركية كاملة، ومن المفاجآت الكبرى في الألعاب الأولمبية فوز العداءة جوليان ألفريد، من جزيرة سانت لوسيا، بذهبية سباق 100 متر عدواً (10.27 ثانية)، وهزمت البطلة الأميركية المرشحة ريتشاردسون الفائزة بالفضية.. أين سانت لوسيا؟ إنها جزيرة تقع شرق البحر الكاريبي ويسكنها 180 ألف نسمة.
بدأ يوم أمس بتصدر الولايات المتحدة جدول الميداليات برصيد 19 ذهبية، و27 فضية، و26 برونزية، وبعد 10 دقائق قفزت الصين إلى الصدارة برصيد 20 ذهبية و15 فضية و12 برونزية، ولا أعرف إلى أين وصل السباق بين الصين وأميركا.
** في دورة ريو دي جانيرو 2016 وصل رصيد أميركا إلى 1000 ميدالية ذهبية، وأصبح رصيدها الإجمالي قبل باريس 1183 ذهبية، والرصيد الكامل 2985 ميدالية، بينما كان رصيد الاتحاد السوفييتي الإجمالي قد توقف عند 1204 ميداليات وهو مازال الثاني.. تلك ليست مجرد أرقام ولكنها تقييم رياضي!