في دبي، على أرض الوصل، تتواصل جداول الوعي والإدراك بأهمية أن تحتفي البشرية بالعقول كونها منابع الإبداع، ونبس المهارات، وقبس العطاء الحضاري، فهذا العقل الذي مد الإنسانية منذ فجر التاريخ بالضوء على طول النفق الزماني والمكاني، وذلك لكي يصل، ولكي يتواصل، ويتصل بعالم ما بعد الشبر الأول، لتصبح علاقة الإنسان بالحياة، علاقة تشجير الأرض بالأخضر، أخضر الإبداعات وألمعها، وأبدعها وأروعها، وأجملها وأكملها.
عندما أطلق الفيلسوف الإنجليزي إعلانه الشهير (المعرفة قوة) كان لهذا الإعلان صدى واسع في وجدان البشرية، كما أن له جذوراً في التاريخ منذ سقراط العظيم، شهيد الفلسفة، وحتى إيمانويل كانط، والذي حدد زمان الفلسفة بميلاد الفكر النقدي لهذا الفيلسوف العظيم.
اليوم، تتبوأ دبي الدور التاريخي في الاحتفاء بالنوابغ، لأنهم الصورة المثالية للعقل السليم، والملكات الإبداعية التي ترسم مجسماً حقيقياً، لما سيأتي بعد سنوات، أو قرون، وفي دبي اليوم تتشكل بيوت الحلم الإنساني في رعاية المبدعين، والعناية بمنجزاتهم، وحمايتها من الزوال والاندثار، في ظروف عالم تتصادم أطباقه المعدنية، لتصدر دوياً مفزعاً.
اليوم في دبي، تنطلق روعة المشاريع الثقافية، والتي تؤسس لمجمع ثقافي عملاق يعيد للبشرية منارة للفكر، يوم كان للفكر زهوه ورونقه وعمقه، ودوره في بناء الحضارات، ومهما بلغ الإنسان من عمران، ورفعة اقتصادية، فإنه كمن يبني بيوتاً من رمل، إذا لم يهتم بالإبداع، ويعتني بأصحابه، ويمنحهم ومضة تفاؤل بأن ما يقدمونه مقدر ومحفوظ في الذاكرة الجمعية.
في دبي اليوم تفرد أشرعة السفر إلى مناطق واسعة وبعيدة، هناك حيث تكمن كنوز الحضارة الحقيقية، وهناك تستقر نجوم العطاء الإنساني، وتكريم البروفيسور فاضل أديب، في مجال الهندسة والتكنولوجيا، له الفخر كل من ينتمي لهذا الوجود، وكل من يسكن تحت سقف القبة الزرقاء، وهذا التكريم هو منجز من منجزات شاعر وفارس، كلما التفت نحو ناصية أُضيئت له نوافذ كوكبنا، وكلما جاشت مشاعره في تقديم ما يلزم من دفع عجلة الفكر، أنتجت الغيمة زخاتها برخاء، وابتسمت السماء لعقل ما كلّ من العطاء، وما ملّ في ترتيب مشاعر الناس بأنامل موسومة بالأناقة، وفضيلة الجود والتجويد، هذه المشاريع هي فتوحات الإمارات على أرض دبي، وهي مشاريع تبدأ من منطقة في عقل الفارس، لتبرز في الوجود قصيدة عصماء تصفق لها النجوم، وتحييها الأقمار، وينشدها الطير محلقاً على بحر الخليج العربي، وهو العين الساهرة لرعاية هذا الوطن النبيل، هذا السكن الأصيل، هذا الموئل الجميل.