قبل ما يزيد على الخمسين عاماً، كان لقاء المغفور لهما بإذنه تعالى، القائدين والمؤسسين لصرح قيام الاتحاد، ككيان سياسي واقتصادي وجغرافي، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، والشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم في «عرقوب السديرة»، تحت ظل تلك الشجرة الصحراوية، ليخطّا فوق تلك الرمال أحلاماً قادمة وممكنة، وليخططا لجعل تلك الكيانات الصغيرة والمتفرقة تحت لواء موحد، ودولة واحدة من أقصى الفجيرة على البحر الآخر إلى أقصى بقعة في رمال أبوظبي، كان دون ذلك خرْط القتاد، وتعب الرجال، وهلاك الإبل الشداد، غير أنهما آمنا بهذه الأرض وإنسانها، وقادا مسيرة الوحدة المتكاملة، وقاتلا من أجل الوحدة الشاملة، ونحن اليوم نحتفي بهذين القائدين وإخوانهما من المؤسسين من حكام الإمارات الراحلين، ونحتفي بالمنجز، ونفرح بما تحقق، ونفخر بكل مكتسبات الوطن خلال الخمسين عاماً المنصرمة، داخلين في تحد وسباق من أجل المستقبل والنجاح والتميز باتجاه المئوية، لا تنقصنا الإرادة، ولا الإدارة ولا حكمة الأولين، ولا علم ولا حلم القادة الحاليين.
ولعل الصحافة الوطنية كانت دوماً في صف قيام هذا الاتحاد، ومن خلف كل المنجزات، ومع الوطن والإنسان، ومن أجل الصدارة وتحدي الذات، ها هي اليوم تحتفي بمنجز مواز، وعلى طريقتها الصحفية بتوأمة بين صحيفتين عريقتين، كانتا دوماً السند، وعليهما الاعتماد في حمل رسالة الدولة وتوجهاتها وسياساتها ونجاحاتها في الداخل والخارج، «الاتحاد» التي حملت اسم حلم المؤسسين، وحلم الكيان الذي ولد قبل خمسين عاماً، و«البيان» ذلك التجلي للسان العربي، وفحوى الفصاحة، وتباشير بالعمل المؤسسي والخطوات الجادة والجديدة نحو تنظيم العمل الوطني، وتأكيد متانة الاتحاد القائم، ودعمه بمؤسسات المجتمع المدني، وتوحيد كل قواه وطاقاته من أجل وطن جميل، وإنسان متفاعل مع محيطه المحلي والخليجي والعربي والإنساني.
إن كانت خطوات الحلم بالوطن المتحد بدأت بالخط فوق رمال «عرقوب السديرة»، ها نحن اليوم نحتفي بخمسين النجاح بالتخطيط لتوأمة الحبر والخبر والقرطاس بين «الاتحاد» و«البيان» من أجل وطن متعاف، عازم على المضي نحو آفاق جديدة للمستقبل، سلاحه العلم والعمل والإرادة الحرة، ومنهجه التسامح والأخوة والكرامة الإنسانية، وغايته سعادة الإنسان في كل مكان من عالمنا، واحترام أمنه وأمانه، وتجنيبه الحروب والويلات والكوارث المناخية والبيئية، لأننا جزء من هذا العالم الذي أصبح قرية كبيرة، وجزء من مسيرة الإنسان الحضارية، وهنا يقاس رقي الأمم وتقدمها، وما يضمن بقاء اسمها من نور بما أمدت الحضارة من أفكار إنسانية وإنجازات وإبداعات خدمت البشرية.