بعد دقائق من انتهاء مراسم تتويج نادي الهلال السعودي بكأس الملك، سأل المراسل الميداني لصحيفة «الرياضية» رئيس الهلال فهد بن نافل: «بطولة كبيرة ومهمة، وثلاثية.. ما الهدف القادم؟!».. كانت إجابة الرئيس سريعة، حاسمة، لا تردد فيها ولا خوف، ولا تشوبها ذرة احتمال بالهزيمة، قال الرئيس الذي تملأ البهجة وجهه وروحه، وعلى يديه آثار ذهب طازج: «هدفنا هو البطولة التي بعدها».
المدرب الداهية، الروماني رازفان لوشيسكو، الذي لم تغادر السعادة صدره، منذ أن بدأ تدريب الهلال، سأله مراسل الصحيفة نفسها: «ماذا تقول للاعبي الهلال بعد الفوز بالكأس؟!»، جاءت إجابته، وهي تحمل فوق رأسها عُمراً من الفخر والفخامة الزرقاء، التي لم تترك ذهباً إلا وصهرته نهراً من البهاء والأُبَّهة في قلوب الجماهير «أقول لهم، استيقظوا باكراً غداً، واستعدوا جيداً للمباراة القادمة، وحققوا الفوز.. نحن سعيدون بالفوز الآن، لكن علينا أن نفوز دائماً».
الجزء الأخير من الإجابة «لكن علينا أن نفوز دائماً» هو ما يجعل الهلال بطلاً، ويجعل جمهوره يصرخ أبداً في نشوة واحتفاء بالسؤال الذي يتصبب زهواً: «هذي البطولة رقم كم؟!».
هذا الإيمان الراسخ، بأن الفوز هو ما يحدث داخل الملعب لا ما يحدث خارجه، وأن الاتكاء على التاريخ فقط، لا يتيح لك صعود المنصة مرة أخرى، وأن البطولات تؤخذ بالعمل لا بالأمل، هو سبب أن الفرحة في الهلال لا تموت، وأن الكلام عن بطولاته لا يشيخ ولا يصبح قديماً.
الموسم قبل الفائت حقق الهلال بطولة واحدة، كأس السوبر، ومع ذلك غضبت جماهيره، وسحقت بغضبها كل من تسبب في حصول هذه الطامة «الطامة ليست لأنهم خرجوا من الموسم بلا بطولات، وإنما لأنهم حققوا بطولة واحدة»، فهل تفرغ رجاله للعويل واللطم؟!، أبداً، أعادوا ترتيب الفوضى، وفي الموسم التالي اعتذروا لمدرجهم الفخم بـ «الثلاثية النادرة»، فازوا بكأس الدوري، وكأس الملك، وكأس آسيا.. وهل هناك اعتذار أجمل من هذا؟!
في حوار مع صحيفة «digi sport» الرومانية، قال رازفان: «بفضل هذا الفريق أنا اليوم في إحصائيات المدربين مصنف من بين أفضل 11 مدرباً في العالم، إلى جانب جوارديولا وكلوب، ولم أكن لأنجح أبداً، لو لم أكن هنا في الهلال».. إذاً الهلال لا يصنع تاريخه وحده، وإنما يصنع أيضاً تاريخ كل الذين ينتمون إليه.