«ولسسسسساااااااااااااااااا» ، هذه الكلمة باللهجة الدارجة، كُتبت بعد دقائق من فوز الهلال ببطولة الدوري، للمرة الـ16 في تاريخه، وبطولته الـ60 في 63 عاماً كان صوت البهجة فيها طاغياً، والسعادة تملأ الصدور والوجوه، ودلة الفخر تصبُ في «فناجين» الهلاليين قهوة الزهو والخيلاء.
وفي اليوم التالي قال الروماني رازفان لوشيسكو مدرب الأزرق الكبير: «مخطئ من يظن أننا سنكتفي ببطولتي الدوري وآسيا»!
«التغريدة» التي كتبها المركز الإعلامي للنادي، والتصريح الذي قاله المدرب، يحملان معنى عظيماً، ولا يستطيع الجهر بهما هكذا إلا فريق بطل، يقطر الذهب من يديه، وأقدام لاعبيه تدل جيداً الطريق إلى المنصة، وجماهيره تحفظه عن ظهر قلب.. أو ليسَ في كل ملعب لعب ويلعب عليه «الزعيم» دائماً للفوز والذهب «قصة ومنصة»؟!.
الفريق الذي يجلس على المنصة رقم 4 عالمياً، والمنصة الأولى في آسيا وفي السعودية، هو فريق لا «يرفع الكأس» وحسب، بل «يرفع الرأس» أيضاً.
«الهلال» إذا أكل لا يشبع، التهم قدراً هائلاً من البطولات وما زال جائعاً..
ولهذا لا يجد الهلالي حرجاً أن يقعد في صدر مجلس البهاء والأُبهة، رافعاً رأسه، ومنتشياً بسطوة فريقه، ليقول للعالم (كل العالم): لدينا في السعودية فريق عملاق، وعظيم، وبطل اسمه: الهلال.
«سألت هلالياً مرة، لماذا تشجع الهلال؟!
فقال لي: السؤال الصحيح هو: لماذا تحب الهلال؟!
قلت له: وهل هناك فرق بين التشجيع والحب؟!
فأجابني: نعم، التشجيع قد يتغلغل فيك بالوراثة، أو قد يكون واحداً من عاداتك السيئة.. أما الحب فهو حياة أخرى، ولهذا أنا أحب الهلال، ثم أشجعه لأنني أحبه.
أعدت ترتيب الكلمات وصياغتها، ثم سألته: لماذا تحب الهلال؟!
فأنشد قائلاً: لأنه يمنحني الفرح والفخر معاً.. كلما سئمت من مواجهة الحظ العاثر في هذه الحياة، ذهبت إليه، وأنا على يقين أنه سيمحو الشحوب من وجهي، وسيزرع حقلاً من البشاشة فيه.. وسيضخ في قلبي عمراً آخر من البهجة والنشوة التي لا تموت.
هذا الأزرق العظيم لا يجيد القيام بعمل آخر غير الفوز، فقد وُلد وفي فمه ملعقة من«ذهب».
قلت له: لكن الفرح موجود في الهلال وفي غيره!
فكانت إجابته ساطعة مثل فريقه، وكأنها نُحتت من ضوء نجمة: صحيح، لكنه في الهلال دائم، وحدوثه أكيد، وليس مجرد احتمال.. أن تكون هلالياً يعني أن تكون الأول، وهل هناك أجمل من أن تكون الأول مرة أو مرتين كل عام؟! أن تمر بك الوجوه وتمر بها وهي ملفعة بالخيبة، وندرة الأمل، وشح الظنون الحسنة، فيما وجهك ضاحك مسفر.. أن تتحدث عن فريقك أنه سيفعلها سيفوز، ثم يحدث ذلك ببساطة شديدة».
ثقافة الهلاليين.. الجمهور مهمته أن يتمنى، أما الإدارة واللاعبون فمهمتهم تحقيق هذه الأمنيات، وليس هناك ثقافة أزهى وأبهى من أن تكون بذور الفوز مبذورة في عقلك، وقطوفها دانية في صدرك، ثماراً من الفرح الشهي اللذيذ.