هناك قضية يتناولها الإعلام الرياضي واستوديوهات التحليل الخاصة بمباريات كرة القدم، وهى قضية «أحسن لاعب بديل». إذ يرى الكثير من الخبراء أن بعض اللاعبين لا يصلحون لبدء مباراة، وأنهم يملكون مهارة اللعب في نهايات المباريات، ولعل أشهر النماذج العربية هو جدو، لاعب المنتخب المصري وهدافه الذي كان يسجل دائماً كلما أشركه الكابتن حسن شحاتة في الدقائق الأخيرة كبديل. وكنت أتساءل لماذا؟ فإذا كان جدو لاعباً هدافاً فلماذا لا يبدأ المباراة؟
أفهم أن يكون اللاعب بديلاً مهماً في بعض الأحيان لأسباب تتعلق بظروف مباراة أو بظروف خصم أو لأن لياقته لا تسمح له بأداء 90 دقيقة كاملة، ودون تلك الأسباب لم أهضم فكرة الدفع بلاعب إلى التشكيل في دقائق من مباراة وليس في بدايتها لأنه مميز كلاعب احتياطي.
فهل يوجد بالفعل ما يسمى بأحسن لاعب بديل يمكنه أن يبدأ دوره في نهايات المباريات ويحسم النتيجة لمصلحة فريقه؟
في تاريخ كرة القدم العديد من اللاعبين الذين وضعت لهم تكتيكات خاصة، ومن هؤلاء فرانز بيكنباور على سبيل المثال. هذا النجم الألماني بدأ مع بايرن ميونيخ عام 1964 كساعد هجوم أيسر، ثم نقله هيلموت شون مدرب المنتخب في مونديال 1966 إلى خط الوسط ليستفيد من قدراته في ربط خطوط الفريق وصناعة ألعابه، ثم كلفه شون بمراقبة بوبي شارلتون في المباراة النهائية أمام إنجلترا.
وإذا كانت المجر فاجأت العالم في 1954 بطريقة متوسط الهجوم المتأخر التي صنعت خصيصاً لهيديكوتى، وكذلك ابتكر فيولا مدرب البرازيل طريقة 4/2/4 لتناسب لاعب خط الوسط ديدى، فإن هيلموت شون اخترع مركز الظهير القشاش الحر خصيصاً «الليبرو» لبيكنباور في كأس العالم 1970، وأيامها ثار جدل حول مركز القيصر الجديد، ولكن ثبت أن المدرب هيلموت شون كان بعيد النظر، إذ نجح بيكنباور في المركز الجديد بما يملكه من رشاقة ذهنية، فهو لا يدافع ككل المدافعين، ولا يبدأ هجماته من حيث يبدأ أي مهاجم.
وقد اعتزل بيكنباور صاحب الملكات الدفاعية والهجومية والناس يتساءلون: هل كان هو آخر ظهراء الوسط المهاجمين أم أول ظهير قشاش حر؟!
** الفكرة هنا أن براعة المدرب تكمن في توجيه قدرات لاعبه ومهاراته الفردية بما يخدم طريقة اللعب أو يمنح اللاعب الفرصة لإظهار قدراته الخاصة. أما قصة أن بعض اللاعبين يتميزون بأنهم أحسن بديل، فهو أمر يستحق النقاش، فإذا كان لاعب ما هدافاً بارعاً فلماذا لا يبدأ ويترك للأوقات الصعبة لتغيير أو لتعديل نتيجة مباراة؟!