بدأ الاهتمام بدراسات المرأة يتنامى في العقود الأخيرة من القرن الماضي، سواء في دول العالم المتقدمة أو النامية؛ وذلك من أجل زيادة تمكين النساء، وتعزيز حصولهن على حقوقهن المشروعة باعتبارهنَّ شركاء للرجال في المواطنة والحقوق والواجبات؛ ومن جهة أخرى أسهم تسارع وتيرة التغيرات المناخية العالمية، وانتشار الكوارث البيئية والمناخية كثيراً في تفعيل دور الحكومات، ومؤسساتها المتنوعة، فضلاً عن القطاع الخاص، والمؤسسات الخيرية، ومنظمات المجتمع المدني؛ سعياً منها إلى تحقيق التنمية المستدامة، التي يجب أن تكون موضع اهتمام جميع أبناء المجتمع، وليس الرجال فقط؛ فالتنمية المستدامة هي من الناس، وبالناس، وللناس.
واستناداً إلى هذا الأساس تَعُد المجتمعات المتطورة أفراد المجتمع كافةً شركاء في التنمية، والنساء جزءاً أساسيّاً من الحلول المستدامة. وبمناسبة يوم المرأة الإماراتية، الذي يصادف 28 أغسطس من كل عام، وتماشياً مع إعلان صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة -حفظه الله- تمديد «عام الاستدامة» في دولة الإمارات (الذي أُطلِق في عام 2023) ليشمل عام 2024 تحت شعار «اليوم للغد»، لا بد من التطرق إلى التجربة الإماراتية في قيادة المرأة للمفاوضات المناخية العالمية من حيث الالتزامات والجهود التي هي بمنزلة دليل عمل، وأساس ميداني وواقعي لمشاركة المرأة الإماراتية في جهود مكافحة التغير المناخي.
وقد أظهر المجتمع الإماراتي التزاماً كبيراً بإشراك المرأة في المفاوضات المناخية العالمية، وخصوصاً في ملف استضافة دولة الإمارات مؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (كوب 28)؛ إذ شكَّلت الكوادر النسائية الإماراتية ثلثي الفريق القيادي للمؤتمر، وأكثر من 50 في المئة من الفريق الإداري. واستكمالاً لهذا الالتزام الذي لفت أنظار العالم بتمثيل المرأة الإماراتية المشرّف للوطن، اختِيرت كوادر نسائية، منهنَّ الشيخة شما بنت سلطان بن خليفة آل نهيان، الرئيس والمدير التنفيذي للمسرعات المستقلة لدولة الإمارات للتغير المناخي، للانضمام إلى المجلس الاستشاري لمركز المفاوضات المتعددة الأطراف. 
ولأول مرة في تاريخ مؤتمر الأطراف استحدثت دولة الإمارات دور «رائد المناخ» للشباب لترسيخ مشاركتهم، وأسندت هذه المهمة إلى معالي شما بنت سهيل بن فارس المزروعي، وزيرة تنمية المجتمع؛ كما أسندت مهمة «رائد المناخ» إلى سعادة رزان المبارك، رئيسة الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة، وعينت سعادة الدكتورة نوال الحوسني في منصب المندوب الدائم لدولة الإمارات لدى الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (آيرينا).
وقد انعكس هذا الالتزام بتفعيل دور المرأة في الحوارات المناخية بجهود ملموسة من صنَّاع القرار في دولة الإمارات؛ وتوجيه سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، رئيسة الاتحاد النسائي العام رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة الرئيس الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية، انطلاقاً من حرص القيادة الإماراتية على الاهتمام بمشاركة المرأة في تحقيق الاستدامة والعمل المناخي.
وإضافةً إلى ذلك أُعلِنت مبادرات عديدة، منها مبادرة «التغير المناخي والمساواة بين الجنسين» التي أطلقتها وزارة الخارجية بالتعاون مع الاتحاد النسائي العام، ومكتب اتصال هيئة الأمم المتحدة للمرأة في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، كما نُظمت سلسلة من الورش التدريبية والجلسات الحوارية، من أبرزها مبادرة «بيوت مستدامة»، التي تهدف إلى بناء قدرات المرأة المتعلقة بالاستدامة، وبرنامج التمكين الاقتصادي الأخضر، الذي يسعى إلى تفعيل دور المرأة الإماراتية في جميع المجالات، وتمكينها على الصُّعد: الاقتصادي والاجتماعي والمؤسساتي. وتعكس هذه المبادرات التزام دولة الإمارات وجهودها الهادفة إلى ضمان تمثيل المرأة في صنع القرارات المتعلقة بالبيئة والمناخ.

*أستاذ مساعد بقسم علم الاجتماع بجامعة الشارقة