وأنت تشق الصحراء المعبدة بالحرير الأسود، وأنت تمضي تحت جنح الليل السماوي، وأنت تسير بصحبة النسيم المنعم بالبرودة اليافعة، تشهد احتفالاً بهيجاً على جانبي الطريق من إمارة إلى أخرى من إمارات الدولة، هناك تخفق أجنحة طيور عملاقة على الرمال الحمراء المسترخية على لمسات ندى فضي أشف من عيون الحور، هناك تلمس العناق الحار بين الطبيعة الإماراتية الخلابة، ومشاعر المرتحلين، وهم يخيمون على بساط الفرح، بشتاء كأنه المخمل يطوق الأرواح، شتاء كأنه الحلم في عيون البراءة، كأنه الخيال الشعري في ضمير فحول الشعراء.
هناك ترتع رموش العذارى بهفهفات النسائم المشاغبة بلطف وحنان، هناك تبدو الأيام كأنها الغزلان تقطف أعشاب الموسم الشتائي، وتثري وجدانها بحلو الليالي السامرة تحت سماء علقت مصابيحها، واستوحت من بريق العيون النجلاء، صفاء، وبهاء، هناك تشعر وكأنك تمر بين بساتين من البشر، تفيض أرواحهم بشفافية شتاء يمر من هنا، من طرف، ومن وجنة، ومن جباه سمر، ارتفعت كرايات في زمن الإمارات الزاهي، بفضل قيادة أحكمت القبض على الرهافة، متمسكة بالحب ترياقاً، ملتزمة بالود أكسيراً، متضامنة مع الإنسان حتى الذروة، وها هي اليوم الإمارات تستشف من روعة الحياة ما يلهم الناس أجمعين، كيف يرتبون المشاعر على صفحات رمال كالذهب، بللها النسيم بريق طبيعته الخلابة، وأعطاها رونقاً جمالياً لا يشبه إلا نفسه.
هنا على هذا المهد الممهد بفيض الحياة، ومهارة الفرح، تسمع صوت الصغار وقد ودعوا كراسي الدراسة في عطلة تماهت مع الشتاء بفضيلة السعادة، تسمع أصواتاً كأنها هدهدات التغاريد بين ثنيات الليل، تلامس المسامع بخفة أجنحة الفراشات، وتمنحك الطاقة الإيجابية في العيش بلا مسببات للإحباط، تشعر بأن جناحين يخفقان أمام عينيك، ويقولان هيا نحلق معاً، فالسماء بيتنا، والأرض بساط يلامس الأرواح، فتزداد هفهفات باتجاه النجوم، تلك القناديل المنثورة كالدر، تفضي إلى فضاءات كأنها شال عملاق يلحف مشاعر الخلق، الذين جاؤوا إلى هنا وسط الرمال، المنمقة، بين حضيض وسمو، تلك الجبال الرملية المخضبة بلون الحناء تلك الأحضان الدافئة، تكسو الحياة غايات بلا نهايات، تشعر أن العمر لم يزل بين الميم والحاء، جزيرة واسعة الشطآن، تفتح كتاباً للسماء، وتقول هذا الشقي يجب أن يسقي العروق من نهر رمال تطيل العمر، وتمنح الحياة أمداً يمتد حتى جذور النخلة الواقفة عن مسافة قريبة تطل على العالم، وتقول حياك يا زمان الإمارات الأصيل، حياك يا عمر العشاق، أطل من عمر القصائد، وارتشف من قوافيها الفرح، وتمل من وزنها الدوزنة، وأنت في العروة الوثقى بين الفرح، ورخاء الحياة.