تشهد علوم وأخبار الديموغرافيا، ومتابعة المؤشرات المتعلقة بالنمو السكاني ومتغيراته في مختلف أنحاء العالم اهتماماً كبيراً، نظراً لارتباطها الوثيق ببرامج التنمية وازدهار ورفاه المجتمعات، خاصة مع تطور جودة الحياة والرعاية الصحية، وارتفاع نسبة كبار السن والمعمرين فيها.
نقدم هنا مثالين لذلك الاهتمام والمتابعة، أحدهما من الشقيقة الكبرى مصر، والآخر من كوريا الجنوبية الصديقة.
ففي رصد للمتغيرات الديموغرافية، نشر الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء في مصر تقريراً عن الشيخوخة وكبار السن في البلد. ومن أهم ما جاء فيه «ارتفاع نسبة كبار السن في مصر (فوق 60 عاماً) إلى 8.3% من إجمالي السكان بنحو 9 ملايين نسمة». واعتبر المتابعون أن إعلان الرقم يعد «إقراراً بواقع جديد يرفضه أصحاب المدرسة القديمة والحديث المتكرر عن«فتوة» المجتمع المصري».
قياساً بالزمن الذي انعقد فيه مؤتمر القاهرة السكاني (1994)، إذ مر بالنهر السكاني «طوفان» غير كل مرادفات الكلام القديم، الأمر الذي يعني «باللغة الجديدة، كما يقول المختصون، إن مصر تفتح ذراعيها لمجتمع «الحكمة».. الأكثر ميلاً للاستقرار، وقبول الواقع بتفاصيله».
وبالمعدل نفسه، ستصل نسبة كبار السن إلى 10% من السكان (رسمياً) قبل 2030.
وبالتوازي مع ذلك، تشهد المصطلحات الديموغرافية تطوراً مستمراً، إذ ظهر مصطلح جديد هو«مجتمع فائق الشيخوخة»، أي مجتمع تبلغ فيه نسبة كبار السن (فوق 65 عاماً) 20% أو أكثر من السكان!!
وبحسب تقرير صدر مؤخراً في كوريا الجنوبية، «بلغت نسبة الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 65 عاماً أو أكثر 19.2% من السكان، وأن النسبة ستصل إلى 20% في عام 2035 ليصبح المجتمع في كوريا الجنوبية «مجتمعاً فائق الشيخوخة».
ووفقاً للتقرير الكوري، فإن نسبة كبار السن هناك ستصل إلى 40% بحلول 2050، وهي نسبة ستدشن وقتها مصطلحاً جديداً مثل «مجتمع الشيخوخة المطلقة».
تحليل مثل هذه التقارير، والتوقف عندها يهدف إلى التذكير بضرورة استعداد الدول والحكومات لهذه الحقبة للاستفادة من المجتمعات «الجديدة» بدلاً من النظرة القديمة التي تجاوزها الواقع الجديد، والتي تعتبر كبار السن مجرد أرقام تمثل عبئاً على البلدان.
للإمارات، ولله الحمد، تجربة ريادية تتطور باستمرار في الاعتناء بكبار المواطنين والمقيمين بمبادرات نوعية خاصة. وهناك جهات وشركات وطنية كبرى في مقدمتها شركتنا الوطنية «أدنوك»، تحرص على التواصل والاستفادة من متقاعديها وتجاربهم وأفكارهم، فالعقل المبدع لا يموت إلا بالتجاهل والتهميش.