في الثامن والعشرين من فبراير سنة ألف وتسعمائة واثنين وثمانين، كان الفجر، وكانت الانطلاقة، وكان الوعي يشذب ثوبه بكلمة، ويهذب أثاثه بالكتاب، ويجعل من العلم مداراً، ومن الثقافة مسباراً، ومن البحث عن المدارك جملة فعلية في التناسق مع الحياة.
في هذا التاريخ تجلى الإنسان في هذا البلد، وعياً في الذات، وذاتاً تعي ماذا يحدث بين طيات الكتاب، وما يتجلى في تلافيف العملية التعليمية، فجاءت البشارة في تخريج أول دفعة من بني الوطن، هؤلاء الذين سجلوا المفارقة، وهؤلاء الذين أطلوا على العالم بوجه وشاحه العلم، ولسان منطقه الكلمة الموزونة، والمدوزنة بأجمل ما جاءت به كلمة «اقرأ»، فقرأ الوطن، وتتبع أبناؤه مشية الضاد على ضفاف الحياة والتاريخ كان الشاهد، وكان الواعد، وكان الموعد مع انطلاقة نحو المستقبل، واليوم عندما ننظر إلى صروحنا التعليمية من مرحلة الألف باء حتى أنبل الجامعات والتي تنتشر على تضاريس البلاد مثل سحابات المطر، تبدو علامات بوح وصدح وشرح لما تبديه الحياة من مضامين ومن غضون تكتنز بالمعاني، وتعبر عن أهمية أن نكون في الجملة الاسمية مبتدأ وخبراً وأن نكون في الرواية ثيمة، ومعنى، وأن نكون في مسرح الحياة شخوصاً ذات دلالة، وعلامات ذات إشارة بأننا هنا، في هذا العالم الذي لا يُحترم فيه إلا الأقوياء، عالم يزدهر بفنون، وشجون، ورفع وسكون، عالم نحن الذين وضعنا الثمرات على أغصانه، ونحن الذين سكبنا ماء المحيط على ضفافه، بفضل قيادة حكيمة أمعنت فأنعمت واستوعب الجيل السابق كما الحاضر معنى أن نكون حاضرين في المشهد الإنساني، نحمل راية العلم كما هو الطير يحمل تطلعاته بأجنحة الأهداف السامية، ومن يتأمل المشهد الوطني اليوم، يدرك أن ما قدمه المؤسسون إنما هو جذر الشجرة والتي أصبحت اليوم حقلاً فياضاً بالإبداع، حيث سارت القيادة الرشيدة إلى استكمال المسيرة، وإلى تأكيد الأهمية التعليمية، وترسيخها، وتكريسها كهدف، وطموح، الأمر الذي وضع الإمارات في المشهد الإنساني باقة علم وأناقة حلم، الإمارات اليوم تقف في المنصات العلمية كواحدة من الدول المتقدمة، والتي أسهمت بشكل صريح في رفع سارية العلم، وبسط الإبداع كجوهر، ومحور لبناء عصر حضاري يتمتع بأنبل ما قدمه العقل، وأجمل ما أبدعته الروح الإماراتية الشفافة.
اليوم وقد تجاوزت الإمارات مراحل البداية تقف بين دول العالم شريكاً أساسياً في تشييد حصون حضارة إنسانية متكئة على أعمدة العلم الحديث، مستمداً ديمومته، وإقامته من منشآت تعليمية براقة برونق القلاع الشامخة، وكوادر تعليمية على أعلى مستوى، تشهد لها بيانات المقارنة بين المؤسسات التعليمية في العالم، وهذا الانتماء إلى مجد التطور جاء بفعل الجهود المضنية والتي تبذلها حكومة السياسات المحكمة، والفطنة الواعية لأهمية أن نكون جزءاً مهماً من منظومة التعليم العالمي، والاحتفاظ بالذكاء الاصطناعي واحد من شهود العيان على تفوق الإمارات في هذا المجال، وهو نتيجة مباشرة للتفوق التعليمي، وفرادته، وقوة شكيمته، وبلاغة وعية ونبوغ إدراكه.