عندما تكون الأفكار أوسع من الجغرافيا، تصبح العلاقة مع الآخر كالسماء تحيط بالوجدان، وتملأ جعبة الحياة برفاهية الفرح، وثراء المعنى، وقوة التأثير في القرارات العالمية، مما يجعل من أي بلد يتسم بهذه الصفات قارة في حد ذاتها، ومحيطاً يفيض بموجات التغيير من أجل إسعاد الإنسان، وجعله في الوجود قامة بحجم الجبال، وهامة ترسم صورتها في الكون، أيقونة لا يمحى بريقها، ولا يختفي تألقها.
اليوم من يتأمل الصورة الإماراتية يرى في هذا البلد قائمة من المسلمات التي تجعله في الوعي الإنساني بؤرة تنوير، ومحطة استراحة لعالم أتعبته الحروب، ومعارك البطش، وطغيان الأنا المنعزلة.
الإمارات اليوم تقف على المشهد العالمي بعيون بصيرة، وأذن أشف من النسمة، وعقل يرسم الصورة، ويحدد التفاصيل ويلوِّن الخطوط ويكتب على اللوحة، هذا هو عالمنا، وهذا هو بيتنا، وعلينا جميعاً تقع مسؤولية الحفاظ على منجزاته، وحماية حضارته، والعناية بمكتسباته، ورعاية تطوره الاقتصادي والثقافي والاجتماعي.
اليوم الإمارات، تنتشر في الوعي البشري أنها السيمفونية التي تلطف المزاج السياسي، وتعمل على دوزنة الحياة بحيث تتناسب مع متطلبات الشعوب وحاجتها إلى الأمن والاستقرار والتطور المستدام، ومن دون نقائص ولا تغضنات ولا ضغائن.
اليوم الإمارات تأخذ بزمام المرحلة إلى غدٍ يشرق بالحب والعلاقات المتكافئة بين الدول، والأحلام الواسعة لكل شعوب الدنيا، ومن دون استثناء أو تفرقة بين دولة كبيرة وأخرى صغيرة؛ لأن القناعة تنبع من أن الجميع يكملون الدائرة الكونية، وأي تفريط بجزء من هذه الدائرة، فإنه يذهب بالجميع إلى طائلة العذاب.
الإمارات اليوم تعمل جاهدة، بفضل القيادة الحكيمة، على سبر الأغوار، والكشف عن مواطن النقص، وبعث الروح العالمية، لترميم ما طرأ على الحضارة، وإعادة بناء الوعي السياسي على أسس قوية، تحمي المنجزات الحضارية من عبث اللاهثين وراء أمجاد شخصية وسياسية لا نتيجة لها سوى الدمار، والتسفيه بحضارة تعبت بشأنها الشعوب، وراهنت على الضمير الإنساني، بأنها ستستمر فيما حيدت النفس الأمارة، وقيدت الأطماع الشخصية، وطرد الشيطان البشري من دائرة الطموح، واستمدت الحضارة قوتها من ضمائر الناس الأوفياء، والصادقين وعشاق الحياة.
اليوم الإمارات تبرز في العالم كقوة ناعمة، مبهرة، وطاقة إيجابية مدهشة، ومهارة سياسية فريدة، ورونق خطابي يتجاوز الخطاب التقليدي، التعبوي، والشعاري، هذا التوجه، وهذا الطريق إلى الحياة هما اللذان رسخا صورة الإمارات في الذاكرة الجمعية، كأمل للبشر في إعادة التوازن للوعي البشري، وتنقيته من حثالة القهوة المرة، وتصفية قاع العقل من بقايا نفايات تاريخية.
الإمارات اليوم هي البوصلة التي تقود سفينة العالم إلى بر الأمان، وتحشد كل البحارة من أجل التعاون والتعاضد لحماية السفينة الكونية من الغرق.