هناك أشياء في الحياة غير محمودة، ولكنها ولدت مع الإنسان ومنذ الأزل، مضت معه في مشوار الحياة الطويل، حاربها كل جيل وشعب ودين بمختلف الوسائل، لكنها بقيت وكأنها معادل للشيء الحميد الموجود في الجانب الآخر من الحياة، فهناك ناموس في الكون لتبقى الأضداد تتصارع، والإنسان هو من يملك «هداية» الاختيار أو هدي سواء السبيل.
لنأخذ مثالاً واحداً من الأضداد وبإمكانكم أن تختاروا غيره، لكن ستجدونه في النهاية لا يختلف كثيراً عن مثالنا، السرقة: عمرها من عمر الإنسان، بل من عمر الحيوان، فهي معروفة عند الحيوانات أيضاً، ولا تقف عند أن يسرق حيوان حيواناً من جنسه فقط، يمكن للحيوان أن يسرق الإنسان والنبات، تماماً مثل بعض الدول التي يمكن أن تسرق شعباً آخر، بعدما تكون قد انتهت من سرقة شعبها وخيرات أرضها! 
أما السرقة عند الإنسان فهي درجات، لحاجة أو هواية أو مهنة أو لزيادة أو نفس طمّاعة أو وضاعة، فمنهم من يسرق دجاجة كأبي العوس الثعلب، ومنهم من يأخذ السلة ببيضها، ومنهم من يظل يقول لنفسه: هل امتلأت؟ فتقول له هل من مزيد؟ البعض يجربها مرة ويتوب، والبعض تصبح مهنة له، وآخر تبقى هواية ترضي شيئاً ما في داخله، وهذه نجدها عند بعض المشهورات التي «تهفها» نفسها لـ «اقتباس» شيء رخيص وبـ «بلاش» من المحلات، ولا يساوي شيئاً من أموالها، لكنها تفرح بالمغامرة، ويمكن أن ترجعه بعد يومين أو تدفع ثمنه مضاعفاً حين تصحو من سكرة المرض النفسي أو الاجتماعي، والبعض يحب أن يسرق نفسه عقاباً لها أو يسعد بسرقة أقاربه ووالديه خاصة، حتى الذي يأخذ باستئذان ولا يرجع الحاجة تعد سرقة دخل صاحبها من الباب لا من الشباك، والسرقة غير مختصة بالمال فقط، رغم أنه الباعث الرئيس عليها، فهناك من يسرق الأفكار الطائرة، فيتبنى أي فكرة جميلة سمعها، وينسبها لنفسه كجزء من تورم الذات، وفي المقابل يسفّه الآخرين وأفكارهم في محاولة لطرد الآخرين من الساحة التي يريدها له وحده، أما الأفكار المسجلة فتحميها اليوم القوانين، وهناك من يسرق الكحل من العين، وهناك من يسرق بخفة وستر، وهناك من يعلمه المال السائب على السرقة، وهناك من يجاهر بها ولا يبالي. 
طرأت عليّ السرقة وأنا أتساءل عن الأضداد في الحياة، كيف تجعل الإنسان متأرجحاً أحياناً، ميّالاً أحياناً، وتغالبه وتراوده عن نفسه المستقيمة أحياناً، حتى يأتيه اليقين أو تتلبسه القناعة كشيء ثمين في الحياة، فيشعر بالرضا لأن نفسه طاهرة، وأتساءل لِمَ السارق تتصدى له التشريعات القانونية، وهناك عقاب مواز لجرم السرقة، لكن ليس هناك في القوانين من ثواب للشخص الأمين أو الشريف بالمقابل على نبل فعله، لتستقيم الأمور تجاه الأضداد في الحياة؟!