أيها الحب، أيها اللهب السري في كيمياء الخليقة، أدر نخبك وانتشلنا.
أيها الحب، يا قصيدة الكائنات الجميلة، املأ شعاب الأرض بالطمأنينة في القلوب.. فنحن بشر تمتلئ قلوبنا بالخير والمحبة والذكاء، نريد أن نحيا فيك، انتشر في طمأنينة ورقي وسلام، نريد أن يكون وجودنا في الحياة خفيفاً على نفوسنا ونفوس الآخرين، نريد أن نكون نافعين للآخرين ولأنفسنا، وللطبيعة، مصدر بقائنا وحيويتنا، نريد أن نحيي ذلك الوجه الجميل للحياة الذي قلما نستطيع اكتشافه والامتزاج به، بسبب كثافة الضباب الذي يحاصر نفوسنا وأفكارنا وأحلامنا ويجلد أرواحنا بالقنوط والخذلان للتخلي عن ما لا ترتضيه روح الكائن الحي، وأنّى لنا في حال القنوط أن ننفخ الرماد الذي يحيط بجمرتنا، ونمسح الضباب بلهب أرواحنا لنرى في مرايا النفس صفاء أفكارنا وطموحاتنا؟.
إن لكل كائن في الطبيعة خيره ومنفعته، بينما نعتقد نحن البشر أن بعض الكائنات شريرة فقط، بسبب عجزنا المعرفي عن كشف وجوه الخير فيها لاستمرار الحياة على هذا الكوكب، نحن أيضا بعض هذه الكائنات، ولعل وظيفتنا في الوجود هي العمل على استمرار هذا الوجود، وتحسين شروط عيشنا وعيش جميع الكائنات فيه، وحين نستطيع بوعينا الإنساني أن نجعل الحياة أجمل وأرقى فإن أي عائق يحول دون هذا الارتقاء، وهذا الجمال، ينبغي أن يزول. 
الشر وحده بتعدد أقنعته، ينبغي أن يُدَمر، ولتبق لنا رسالة الحفاظ على الخير والجمال والنبل، فالإنسان يحتاج أكثر للآخرين حين تنهض مقاصده على الخير، وغايته على السمو، إننا نحتاج للآخرين دائماً في علاقة تنهض على الإدراك العميق لضرورة الآخر في التكامل معنا، كي نقتسم معه انتصاراتنا وأحلامنا، وحتى معاناتنا الشخصية، إن الحقيقة التي يستشعرها كل فرد في أعماقه، بوعي أو بدون وعي، هي أنه يحتاج أن يحب، ويكون محبوباً، وسحر هذا الشعور من القوة والغموض بحيث لا يمكن سبر أغواره ومعرفته، سوى أنه غريزة تكمن في طبائع البشر، وطبائع جميع الكائنات الحية في الطبيعة.
لكن كيف يمكن أن تتم هذه المعادلة (محباً ومحبوباً)، دون أضرار تلحق بمسيرة التطور الشخصي لكل طرف؟، ففي علاقتنا بالآخر قد نفقد جزءاً من حيويتنا وقدراتنا وحرية أرواحنا، إن رغبة الإنسان في السيطرة على ما يحيط به تكاد تكون هي الغريزة الشريرة الكبرى التي لم تقتلع، ونحن حين نتأمل هذه الخاصية فإن الاعتقاد يأخذنا إلى أن السبب يكمن في إحساس الإنسان بالضآلة أمام هذا الكون الهائل، وإحساسه بالعجز أمام سلطة الموت والفناء..!.