- ليش نكره الانتظار في المطارات، لأنها خسارة في خسارة، خسارة وقت، وخسارة مال ضاع في مشتريات أُخذت على عجل، ومن أجل تمضية الوقت، ما شيء شغل ولا مشغلة، وباقي ساعتان وثلث على موعد الإقلاع، تقوم تتحوط في السوق الحرة، تسحبك تلك العطور الباردة التي أعدها أحسن مصيدة صنعتها الأسواق الحرة، واللائي يبعن عادة يشبهن المضيفات، و«اتْمّ تلايم»؛ هاي للغالية، وهاي للي ما خليت منها، وهاي لنظر العين، المهم في تلك اللحظة تتذكر كل أفراد العائلة الكريمة، وأنت تتمنى مرة واحدة أحد يهديك شيئاً من السوق الحرة، مرات تقول السبب منك الذي لا يعطي الناس فرصة يجلبون له هدية من المطار بسبب أسفارك، ومرات تقول: هو البخت، مكتوب علينا نهدي، ولا يهدى لنا.
- لو في واحد صوته من طبقة الـ «تينور»، وشعر فجأة بأن «زيرانه وأسياده» دقوا تحت رأسه، وأراد أن يغني فجأة، ولأنه مبسوط، رفع عقيرته بذاك الصوت الصادح في جمهور من مرتادي المطعم الفاخر، وكان فيه زبائن عرب، اللي بيقوم يهزبه، واللي يريد يتضارب معه، واللي ما عاجبنه الوضع، ويزكر مدير المطعم المرتجف دوماً، واللي بيتطنز عليه، وحدهم الأوروبيون من سيصفق له، ويفرحون بوجوده ومشاركته لهم الأمسية، ويمكن أن تقوم واحدة لتربت على كتفه إعجاباً، وربما طلبت مراقصته، وقد تشتعل كل طاولاتهم ببهجة لم يكونوا ينتظرونها، وربما شكروا مدير المطعم المرتجف دوماً، لاعتقادهم أنها من مفاجآته الجميلة، الحياة تختلف.. عمرها ما كانت الحياة «سيم، سيم»!
- بعض الأمور لا يصلح لها إلا أصحابها، ممن عاركوا الدنيا، وخبروا الحياة، ورأوا تقلبات الناس والأحداث، وربما خاضوا حروباً حقيقية أو معارك دبلوماسية أثناء الحروب الأهلية، يعني بصريح العبارة، شغل تنظيمات وتجمعات ومناشير، وعمل نضالي، وعمل سياسي سري، ومستعد من جلادته لأن يتناقش ويتجادل مع منظّر يساري عتيد، وفي الوقت نفسه مع خريج علوم سياسية واقتصاد بحكم اضطلاع عائلته بهذا العمل قديماً، ولا يخفى على أحد أنه يميني التوجه، ويبتلي فجأة بنساء يردن أن يدلين بدلوهن في هذه المجادلة السياسية، لأن مرات، ومرات كثيرة، النساء والسياسة ضدان، السياسة لينة طيعة تقبل كل شيء وارد ومحتمل وخارج المنطق، تتقبل الحياة مثلما تتقبل الحقيقة بصياغاتها المختلفة والممكنة، والمرأة ليس لديها ذلك الفضاء المتسع من الذهاب بعيداً وعميقاً في المسائل، فهي لا تملك ضد المخططات الاستراتيجية إلا الدعاء بإزالة الغمة عن الأمة، ولا ضد العدو المقابل غير أن الدعوة عليه من محفوظات الصدور السجعية، المهم.. تدرون من هو المنتصر في الآخر في تلك المجادلة والمعادلة السياسية، المرأة طبعاً، لأن ذلك السياسي المتمرس والمتمترس خلف الأيدولوجية، دعا على نفسه وعلمه بالذهاب إلى الجحيم، وهذا ما كانت تريده تلك المرأة!