أظهرت دراستان، الأولى في إسبانيا، والثانية في فرنسا، أن تناول الأطعمة المصنعة وفائقة التصنيع، يؤدي إلى مضاعفات صحية خطيرة، وربما حتى الوفاة المبكرة. في الدراسة الأولى والتي أجريت في جامعة «نافارا»، تتبع الباحثون قرابة العشرين ألف شخص لمدة عقد كامل، وقيموا غذاءهم بشكل سنوي، حيث توفي 335 شخصاً منهم. ومن بين هؤلاء، ومقابل كل 10 وفيات بين من يتناولون القدر الأقل من الأطعمة فائقة التصنيع، كان هناك 16 وفاة بين من كانوا يتناولون القدر الأكبر، أو أربعة مقادير يومياً. وفي الدراسة الثانية التي أجريت في جامعة باريس تتبع الباحثون أكثر من 105 آلاف شخص لمدة خمس سنوات، وتم تقييم نوعية غذائهم مرتين في العام، ليظهر أن من يتناولون كميات أكبر من الأطعمة فائقة التصنيع، يتعرضون لمعدلات أعلى من المشاكل الصحية، حيث زادت معدلات الإصابة بأمراض القلب والشرايين بينهم، مقارنة بمعدلاتها بين من يتناولون مقادير أقل.
ويتم تقسيم الأغذية والأطعمة حسب مقدار ما تتعرض له من تدخلات وعمليات اصطناعية إلى ثلاثة أقسام رئيسة: القسم الأول، أو الأطعمة غير المصنعة، فيشمل الفواكه والخضراوات الطازجة، والحليب، والبيض، واللحوم، والبقوليات مثل العدس، والبذور، والحبوب مثل الأرز. القسم الثاني، أو الأطعمة متوسطة التصنيع، فيشمل الأغذية التي تم إضافة ملح، أو سكر، أو زيوت، أو تم تخميرها، لحفظها لمدة أطول وإطالة عمرها، أو لتحسين مذاقها. ويشمل هذا القسم الأجبان، والفواكه والخضراوات المعلبة، والأسماك المدخنة، والخبز المصنوع منزلياً. أما القسم الثالث والأخير، أو الأطعمة فائقة التصنيع، فتشمل تلك الأغذية التي تعرضت لعدة عمليات اصطناعية، وغالباً ما تحتوي على قائمة طويلة من المكونات الكيميائية، بما في ذلك المواد الحافظة، والمحليات الاصطناعية، والملونات. مثل السجق أو النقانق، والهمبرجر، وحبوب الإفطار والتي قد تباع في شكل ألواح، والشوربات الفورية، والمشروبات الغازية المحلاة، وقطع الدجاج «الناجتس»، والكعك، والشوكولاتة، والآيس كريم، والخبز المخبوز في مصانع، والوجبات الجاهزة السريعة، من بيتزا وفطائر وغيرهم، والتي تتطلب فقط التسخين في الميكروويف. ويمكن تطبيق قاعدة ذهبية للتعرف على هذه الأطعمة، وهي إذا ما كان الغذاء المعلب يحتوي على أكثر من خمسة مكونات، فهو في الغالب طعام فائق التصنيع.
ومؤخراً تزايد الإدراك بالدور الذي تلعبه الأطعمة المصنعة وفائقة التصنيع، وبقية أنواع الغذاء غير الصحي، في زيادة احتمالات الإصابة بالأمراض السرطانية. فعلى سبيل المثال، أعلنت منظمة الصحة العالمية في أكتوبر 2015، من خلال الوكالة الدولية لأبحاث السرطان، بأن اللحوم المصنعة يمكن أن تصنف مواد مسرطنة، أي مواد مسببة للسرطان. ومن الأمثلة على اللحوم المصنعة الشائعة: «الهوت دوج»، والنقانق أو السجق، والبولوبيف، والسلامي، واللحوم المعلبة، والخلطات التي تحتوي على لحوم.
ويرى البعض أنه بخلاف التأثير الصحي السلبي للأطعمة المصنعة وفائقة التصنيع، من خلال ما تحتويه على مواد كيميائية مضافة لغرض التصنيع، أو بسبب ما تحدثه خطوات التصنيع من تغيير في التركيب الكيميائي للمواد الغذائية الطبيعية، تحمل أيضاً هذه الأطعمة في طياتها خطر إضافي، يتجسد في تسببها في زيادة الوزن والسمنة. فبخلاف محتواها المرتفع غالباً من السعرات الحرارية، تشير بعض الدراسات إلى أن الأطعمة المصنعة تدفع بمستهلكيها إلى الإفراط في الأكل، لحد التخمة، وربما يكون لها تأثير مشابه لتأثير الإدمان على الجهاز العصبي المركزي، وخصوصاً في الأطفال.
والمعروف أن زيادة الوزن والسمنة، سواء كانا بسبب تحفيز الأطعمة المصنعة على الإفراط في الأكل، أو نتيجة غذاء غير صحي بوجه عام، يحملان في طياتهما قائمة طويلة من الأمراض والعلل، ويرتبطان ارتباطاً وثيقاً بالعديد من المشاكل الصحية الخطيرة والمزمنة. ولذا، ربما يقف هذا الواقع المتشابك والمعقد، المكون من ارتفاع المقادير اليومية المستهلكة من الأطعمة فائق التصنيع، ومن الأطعمة مرتفعة المحتوى من السعرات الحرارية وما نتج عنها من وباء عالميا من السمنة، خلف الزيادة الواضحة خلال العقود الأخيرة في معدلات الإصابة بالأمراض المزمنة غير المعدية، والتي يقدر أنها تفتك سنوياً بنحو 40 مليون إنسان، ما يعادل 70 في المئة من جميع الوفيات البشرية، وهو ما حدا بمدير منظمة الصحة العالمية، أثناء انعقاد المؤتمر السادس والأربعين لوزراء الصحة وواضعي ومنفذي السياسات الصحية في الدول الواقعة في منطقة شرق البحر الأبيض، في إسلام آباد قبل عامين، للإعلان عن إنشاء مفوضية دولية عليا، لمكافحة الأمراض غير المعدية، وتفعيل إجراءات الوقاية والحماية منها، والتي لا شك أنه سيكون من أهم أهدافها، خفض ما يستهلكه أفراد الجنس البشري من الأطعمة فائقة التصنيع.
*كاتب متخصص في الشؤون الطبية والعلمية
ويتم تقسيم الأغذية والأطعمة حسب مقدار ما تتعرض له من تدخلات وعمليات اصطناعية إلى ثلاثة أقسام رئيسة: القسم الأول، أو الأطعمة غير المصنعة، فيشمل الفواكه والخضراوات الطازجة، والحليب، والبيض، واللحوم، والبقوليات مثل العدس، والبذور، والحبوب مثل الأرز. القسم الثاني، أو الأطعمة متوسطة التصنيع، فيشمل الأغذية التي تم إضافة ملح، أو سكر، أو زيوت، أو تم تخميرها، لحفظها لمدة أطول وإطالة عمرها، أو لتحسين مذاقها. ويشمل هذا القسم الأجبان، والفواكه والخضراوات المعلبة، والأسماك المدخنة، والخبز المصنوع منزلياً. أما القسم الثالث والأخير، أو الأطعمة فائقة التصنيع، فتشمل تلك الأغذية التي تعرضت لعدة عمليات اصطناعية، وغالباً ما تحتوي على قائمة طويلة من المكونات الكيميائية، بما في ذلك المواد الحافظة، والمحليات الاصطناعية، والملونات. مثل السجق أو النقانق، والهمبرجر، وحبوب الإفطار والتي قد تباع في شكل ألواح، والشوربات الفورية، والمشروبات الغازية المحلاة، وقطع الدجاج «الناجتس»، والكعك، والشوكولاتة، والآيس كريم، والخبز المخبوز في مصانع، والوجبات الجاهزة السريعة، من بيتزا وفطائر وغيرهم، والتي تتطلب فقط التسخين في الميكروويف. ويمكن تطبيق قاعدة ذهبية للتعرف على هذه الأطعمة، وهي إذا ما كان الغذاء المعلب يحتوي على أكثر من خمسة مكونات، فهو في الغالب طعام فائق التصنيع.
ومؤخراً تزايد الإدراك بالدور الذي تلعبه الأطعمة المصنعة وفائقة التصنيع، وبقية أنواع الغذاء غير الصحي، في زيادة احتمالات الإصابة بالأمراض السرطانية. فعلى سبيل المثال، أعلنت منظمة الصحة العالمية في أكتوبر 2015، من خلال الوكالة الدولية لأبحاث السرطان، بأن اللحوم المصنعة يمكن أن تصنف مواد مسرطنة، أي مواد مسببة للسرطان. ومن الأمثلة على اللحوم المصنعة الشائعة: «الهوت دوج»، والنقانق أو السجق، والبولوبيف، والسلامي، واللحوم المعلبة، والخلطات التي تحتوي على لحوم.
ويرى البعض أنه بخلاف التأثير الصحي السلبي للأطعمة المصنعة وفائقة التصنيع، من خلال ما تحتويه على مواد كيميائية مضافة لغرض التصنيع، أو بسبب ما تحدثه خطوات التصنيع من تغيير في التركيب الكيميائي للمواد الغذائية الطبيعية، تحمل أيضاً هذه الأطعمة في طياتها خطر إضافي، يتجسد في تسببها في زيادة الوزن والسمنة. فبخلاف محتواها المرتفع غالباً من السعرات الحرارية، تشير بعض الدراسات إلى أن الأطعمة المصنعة تدفع بمستهلكيها إلى الإفراط في الأكل، لحد التخمة، وربما يكون لها تأثير مشابه لتأثير الإدمان على الجهاز العصبي المركزي، وخصوصاً في الأطفال.
والمعروف أن زيادة الوزن والسمنة، سواء كانا بسبب تحفيز الأطعمة المصنعة على الإفراط في الأكل، أو نتيجة غذاء غير صحي بوجه عام، يحملان في طياتهما قائمة طويلة من الأمراض والعلل، ويرتبطان ارتباطاً وثيقاً بالعديد من المشاكل الصحية الخطيرة والمزمنة. ولذا، ربما يقف هذا الواقع المتشابك والمعقد، المكون من ارتفاع المقادير اليومية المستهلكة من الأطعمة فائق التصنيع، ومن الأطعمة مرتفعة المحتوى من السعرات الحرارية وما نتج عنها من وباء عالميا من السمنة، خلف الزيادة الواضحة خلال العقود الأخيرة في معدلات الإصابة بالأمراض المزمنة غير المعدية، والتي يقدر أنها تفتك سنوياً بنحو 40 مليون إنسان، ما يعادل 70 في المئة من جميع الوفيات البشرية، وهو ما حدا بمدير منظمة الصحة العالمية، أثناء انعقاد المؤتمر السادس والأربعين لوزراء الصحة وواضعي ومنفذي السياسات الصحية في الدول الواقعة في منطقة شرق البحر الأبيض، في إسلام آباد قبل عامين، للإعلان عن إنشاء مفوضية دولية عليا، لمكافحة الأمراض غير المعدية، وتفعيل إجراءات الوقاية والحماية منها، والتي لا شك أنه سيكون من أهم أهدافها، خفض ما يستهلكه أفراد الجنس البشري من الأطعمة فائقة التصنيع.
*كاتب متخصص في الشؤون الطبية والعلمية