تساقاً مع التطلعات الوطنية بشأن تطوير التعليم، ومع رؤية القيادة الرشيدة بشأن الأهمية الحاسمة للتعليم، أصدرت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، بدولة الإمارات العربية المتحدة، تقريراً حول سبُل تطوير منظومة التعليم العالي والبحث العلمي في الدولة، وهو التقرير الذي أكد اعتماد أولويات التعليم العالي والبحث العلمي خلال المرحلة المقبلة، على ثلاث ركائز رئيسية، وأولى هذه الركائز هي إعادة تصميم رحلة الطالب بشكل شامل، لتلبية احتياجات الطلبة. أما الثانية، فتتمثل في تمكين الطلبة من الانتقال بسهولة إلى سوق العمل، عبر بناء شراكات مثمرة وبنّاءة مع مؤسسات التعليم العالي، بما يعزِّز تنافسيتَها ويرتقي بجودة مخرجاتها، ويقدم فوائد ملموسة للطلبة. وتنصرف الثالثة إلى تطوير أُطر السياسات والإجراءات وتحديثها بما يواكب متطلبات المرحلة الحالية والتوجهات المستقبلية في الدولة.
وقد جدّدت الوزارة تأكيدها على أولويات المرحلة المقبلة لتطوير القطاع على المدى القصير، مع تعزيز جاهزية الدولة لتحقيق إنجازات نوعية في مجال التعليم العالي على المديين المتوسط والبعيد، عبر تطوير نظام تعليمي شامل مدى الحياة، يسهم في توفير بيئة خصبة لاحتضان المواهب ورعايتها، وتنمية قدراتها، وإعدادها لتكون عماد مجتمع العلم والمعرفة.
وحدّدت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ست أولويات أساسية لإطار تقييم الجامعات في الدولة القائم على المخرجات، تشمل: مخرجات التوظيف، ومخرجات التعلم، والتعاون مع الشركاء، ومخرجات البحث العلمي، والسمعة والحضور العالمي، والمشاركة المجتمعية. ولتحقيق تلك المستهدفات ستقوم الوزارة بإجراء تحليل شامل لمنظومة التعليم العالي، بالتعاون مع مؤسسة «تايمز للتعليم العالي»، الجهة العالمية الرائدة والمتخصّصة في مجال تقييم وتصنيف مؤسسات التعليم العالي، في إطار جهودها لتعزيز التنافسية العالمية لجامعات الدولة في مجالي التعليم والبحث العلمي.
والحاصل أن جهود الإمارات المتواصلة لإنفاذ رؤية التطوير والتعلم المستمر، تندرج في إطار مستهدفات مساعيها الدؤوبة لزيادة القدرة على الابتكار، والذي بات يشكّل أحد الأولويات التي سخّرت لها الدولة كل الإمكانيات، بهدف تقليص فجوة المهارات بين التعليم وسوق العمل، وربط مخرجات العملية التعليمية باحتياجات سوق العمل. وقد أعلنت الوزارة أنه على مدار السنوات الخمس الماضية، ارتفع عدد مؤسسات التعليم والتدريب المهني المعتمدة من 16 مؤسسة في عام 2019 إلى 61 مؤسسة في العام الماضي، بنسبة وصلت إلى 280%، ما يؤكد الجهود الحثيثة التي تقوم بها الدولة لتطوير البرامج الأكاديمية، ويعزز مواءمة العملية التعليمية مع متطلبات سوق العمل.
ومما لا شك فيه أن تطلعات وزارة التعليم العالي بالدولة تترجم الرؤية الإماراتية، التي تعطي أولوية خاصة للعملية التعليمية في بناء الإنسان، والتي تنطلق من مقولات القائد المؤسّس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، من أن العلم يرفع قيمة الإنسان، ويعزّز مكانته، باعتباره ثروة الوطن الحقيقية، ورصيد الأمة الذي يدعم تقدمها.
وقد أكدت وزارة التعليم العالي، وفق محتوى التقرير المذكور، أهمية بناء بيئة تعليمية مرنة وجاذبة وقادرة على استقطاب أفضل الجامعات العالمية، وهو ما يأتي في ضوء جهودها لترسيخ مكانة الدولة كمركز عالمي للتعليم العالي، بما يتماشى مع المستهدفات الوطنية، وعبر الانتقال من النموذج التقليدي القائم على الإجراءات المؤسسية، إلى نظام يدور حول مخرجات المنظومة، ويسهم في بناء مجتمع فاعل واقتصاد متين، ويعزز مسيرة التنمية المستدامة.
وفي الواقع، فإن جهود وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، إنما تعزز استراتيجيات ومبادرات تطوير التعليم، وتؤكد في الوقت نفسه أن التعليم يأتي في قمة أولويات الحكومة، وأنه بات أحد مجالات سباق التقدم الذي تحاول دولة الإمارات أن تحقق فيه المزيد من التميز، على نحو يجدد التأكيد على ضرورة تهيئة الأجيال المستقبلية من خلال نظم تعليمية شديدة الرقي والتقدم، لتحقيق الأهداف الوطنية الكبرى التي تتضمنها رؤية الإمارات 2071، والتي تسعى الإمارات من خلالها إلى أن تصبح الدولة رقم واحد على مستوى العالم في المجالات كافة.