يبدو للبعض أن مشاكل الإقليم عاديّة، ولكنها على الواقع خطيرة ومتشابكة تتصارع عليها أكثر من جهة، وآية ذلك أن التصريحات الأيديولوجية تتحدث بصراحةٍ عن استهدافها للمشاريع التنموية في دول الخليج. وما من سبيلٍ لدرس الأحداث المتطرفة إلا بتقصّي الأقوال التي يستندون إليها، فهم يريدون تثبيط عزم الدول التنموية الصاعدة التي استطاعت أن تقوم بنهضة عملاقة على المستويات الاقتصادية، ودعم الاستقرار ورسم سياسات يمكن للدول المجاورة أن تنتهجها على مستوياتٍ، منها الثقافة والفن والأمن والدنيوية المجتمعية، والتعايش، وتكريس التسامح بين الأديان والشعوب والثقافات، وهذا ما تتبناه دولة الإمارات العربية المتحدة، وهو واضح ومشهود عالمياً وبالأرقام.
ودليل ذلك مقولة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، في تدوينة على حسابه بمنصة «إكس» بتاريخ 20 فبراير، مفادها أنه «وفقاً لأهم تقرير عالمي للقوة الناعمة شمل 193 دولة وشارك فيه أكثر من 173 ألف شخص تم الإعلان عنه اليوم في العاصمة البريطانية جاءت دولة الإمارات في المركز العاشر عالمياً في مؤشر القوة الناعمة العالمي 2025 والذي شمل كافة الدول الأعضاء في الأمم المتحدة.. وجاءت الدولة في المركز الثامن في التأثير الدولي والتاسع عالمياً في التأثير في الدوائر الدبلوماسية العالمية». ووفقاً للتقرير ارتفعت قيمة الهوية الإعلامية لدولة الإمارات من تريليون دولار إلى تريليون ومائتين وثلاثة وعشرين مليار دولار في عام 2025، في مؤشر مهم على السمعة العالمية، والتأثير الإيجابي في أغلب القطاعات الاقتصادية والثقافية العالمية.
وقال سموّه إن الدولة: «بقيادة أخي صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، تتمتع بأقوى حضور دولي، وتتمتع بأعلى مستويات الثقة العالمية عبر تاريخها، وتستخدم قوة نموذجها التنموي كأداة لخير البشرية، والقادم أفضل بإذن الله».إن الحيوية التنموية التي ننعم بها هي الأساس التي قامت عليها الرؤى والفلسفات ونهضت بها الحضارات.
وعليه فإن ثمة نقطتين للجيل الشاب الذي عليه استيعابهما وسط هذا الموج الإقليمي المتجدد: أولهما: أن إدراك هذا المجال التنموي ودرسه ضروري، ولا يمكن لشخصٍ أن يدركه إلا من زار بعض الدول المنكوبة. لقد عملتُ في الصحافة والإعلام ومجال البحث أكثر من عشرين عاماً وأحرص على الجلوس مع كل من قام بتغطيةٍ ميدانية في سوريا أو ليبيا أو العراق أو لبنان، وأجري اتصالات يومية مع المتخصصين، إنه لمن المريع أن نرى بلداناً مثل هذه تتحارب فيما بينها أو تتصارع أو تهدر ثرواتها الطبيعية ومواقعها الاستراتيجية، وطاقاتها المالية من أجل حروبٍ أهلية. علينا أن نركّز على ما نحن فيه ونأخذ الدرس من قادتنا وحكمائنا.
ثانيهما: التركيز على وصيّةٍ كبرى للمؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وخلاصتها العلم والعمل، ويصف العلم رحمه الله بأنه «سلاح». لو تأملنا بأرقام ومؤشرات ضعف التعليم في الإقليم بجوارنا لأصبنا بصعقة، ثمة أكثر من ستة ملايين طفل بالعالم العربي لم يلتحقوا بالمدارس بسبب الحروب والنزاعات، وارتفع مستوى الأمية إلى مئة مليون نسمة وهذا رقم كبير ومخيف، ونسبة الأميّة لدى الإناث بالإقليم أكثر من ستين بالمئة.الخلاصة، أن الأخبار التي نشاهدها هي مجموعة دروس، والدول التنموية تساعد لحل هذه المشكلات، لكن الأهم أن نعتبر من هذه الإشكالات وأن نتمسّك بقياداتنا الرائدة التي تريد لمجتمعاتها الخير والأمن والسلام.
*كاتب سعودي