إحدى المبادئ الأساسية التي ظهرت لتوجيه معركة العالم ضد تغير المناخ في قمة الأرض التابعة للأمم المتحدة في ريو دي جانيرو في يونيو 1992 كانت أن الدول الغنية ستوفر الجزء الأكبر من التمويل والتكنولوجيا للدول الأقل نمواً.

وستساعد الدول الغنية الدول الفقيرة على مواجهة تحدي المناخ دون التضحية بمسارهم نحو التنمية الاقتصادية - وهو مسار يتطلب دون شك الكثير من الطاقة. في أكثر من ثلاثة عقود منذ ذلك الحين، عُقدت 29 قمة مناخية عالمية لمناقشة الاستراتيجيات.

وأعلنت الدول الغنية عن التزامات بمليارات الدولارات لمساعدة الدول الفقيرة على التحول إلى الطاقة النظيفة والتكيف مع تغير المناخ. فكيف تسير الأمور؟ الخبر السار أن الدول الفقيرة لا تزال تصدر كميات قليلة من الغازات المسببة للاحتباس الحراري العالمي. فالدول الـ26 المصنفة كدول منخفضة الدخل من قبل البنك الدولي تمثل فقط 3.5% من الانبعاثات العالمية، ارتفاعاً من 3.4% في عام 1992. وتمثل الدول الـ51 ذات الدخل المتوسط الأدنى نسبة إضافية تبلغ 16%.

ولكن هذا «الإنجاز» تحقق بتكلفة هائلة على تطلعات هذه الدول التنموية. خذ نيجيريا على سبيل المثال. في عام 1992، عندما اجتمع نشطاء البيئة في ريو، كان متوسط استهلاك الفرد النيجيري من الطاقة 2299 كيلوواط/ساعة في السنة. وبحلول القمة المناخية الخامسة والعشرين للأمم المتحدة في عام 2019، ارتفع استهلاك الطاقة لكل فرد في نيجيريا إلى... 2453 كيلوواط/ساعة.

وهذا يعادل حوالي 3% فقط من 76634 كيلوواط/ساعة التي يستهلكها الأميركي العادي - ما يكفي لتشغيل ثلاثة أو أربعة من تلك الثلاجات الكبيرة التي يضعها الأميركيون في مطابخهم. واستهلاك الطاقة للفرد في بنجلاديش ليس أعلى بكثير: 2712 كيلوواط/ساعة في عام 2021. وفي العام نفسه، كان 4630 كيلوواط/ساعة في باكستان، و6992 كيلوواط/ساعة في الهند، و8432 كيلوواط/ساعة في إندونيسيا. هذه الدول الأربع بالإضافة إلى نيجيريا تمثل ما يقرب من 30% من سكان العالم ولكن فقط 13% من الانبعاثات العالمية للغازات الدفيئة.

ولا يخطئ قادة هذه الدول في الاعتقاد بأن استراتيجية الأمم المتحدة لمكافحة تغير المناخ على مدى العقود الثلاثة الماضية اعتمدت بشكل كبير على تقييد وصولهم إلى الطاقة والحد من مسارهم نحو التقدم. إن الأمر لا يقتصر فقط على أن الدول الغنية تتجاهل محنة فقراء الكوكب وتفشل في تقديم الأموال الموعودة.

كما أشار «تيد نوردهوس» و«فيجايا راماشاندران»، من معهد بريكثرو، فإن الوضع أسوأ من ذلك بكثير: فالدول الغنية تعمل بنشاط على تقييد وصول الدول الفقيرة إلى الطاقة، وحرمانها من التمويل اللازم لمشاريع الوقود الأحفوري. إنه تناقض مذهل، فقد بلغ إنتاج النفط والغاز في الولايات المتحدة أعلى مستوياته على الإطلاق. وبريطانيا مشغولة بإصدار تراخيص لاستغلال حقل نفط ضخم جديد في بحر الشمال. ومع ذلك، فإن هذه الدول تدفع لإنهاء تمويل مشاريع الوقود الأحفوري في الخارج.

وبينما تجني النرويج مليارات الكرونة من صادرات الغاز الطبيعي، فإنها أيضا جزء من مجموعة تضغط على البنك الدولي لوقف تمويل جميع مشاريع الغاز الطبيعي في أفريقيا. ماذا عن التمويل الكبير الذي وعدت به الدول الغنية لدول العالم الفقيرة؟

لاحظ النقاد أنه جاء على حساب تمويل مشاريع تنموية أخرى. إن أجندة الطاقة في الشمال الغني لم تحد من انبعاثات غازات الدفيئة إلى الحد الذي تواصل فيه الاعتماد على تعطيل التنمية في المناطق الأكثر فقراً في العالم - في دول ذات أسرع معدلات نمو سكاني - فإنها ستضمن الفشل في المستقبل. عندما سأل البنك الدولي البلدان في جنوب الصحراء الكبرى في أفريقيا عن أولوياتها العام الماضي، وضع المستجيبون في 18 دولة المناخ في المرتبة الحادية عشرة - بعد التعليم والزراعة والأمن الغذائي وإمدادات المياه والبنية التحتية للصرف الصحي والصحة وخلق فرص العمل. ومع ذلك، خصص البنك 45% من قروضه للسنة المالية 2025 للمناخ. الأهداف الأكثر إلحاحا للدول الأقل نمواً هي التصنيع، وزيادة الإنتاجية الزراعية، وبناء الإسكان والبنية التحتية للنقل. سيكون من الصعب تحقيق هذه الأهداف باستخدام الطاقة من الرياح والشمس فقط، وهما مصدران ينتجان طاقة متقطعة تتطلب أنظمة نقل وتوزيع معقدة، إلى جانب قدرات تخزين إضافية.

في الواقع، فإن تحقيق هذه الأهداف يتطلب الوصول إلى طاقة سهلة ورخيصة. هذه الطاقة هي في الغالب الغاز الطبيعي. هذه حقيقة تحاول الدول الغنية في الشمال تجاهلها بشدة، الغاز الطبيعي وفير في العديد من الدول الفقيرة. وعلى الرغم من كل المخاوف التي لدى أوسلو بشأن استغلاله، فإن تأثيره على المناخ سيكون ضئيلاً. وباستثناء الدول الست في شمال أفريقيا إضافة إلى دولة جنوب أفريقيا، هناك أكثر من مليار شخص في 48 دولة في القارة السمراء يكتفون ب264 كيلوواط/ساعة سنوياً، في المتوسط. ووفقا لما ذكره «تود موس» و«جاكوب كينسر»، من مركز الطاقة للنمو، فإن مضاعفة استهلاكهم للكهرباء باستخدام الغاز الطبيعي فقط ستضيف 220 مليون طن إلى انبعاثات ثاني أكسيد الكربون السنوية - أي 0.62% فقط من إجمالي الانبعاثات العالمية.

هذا النوع من التنازلات يبدو وكأنه حل مربح للجميع. إذا لم تستطع الاستراتيجية المناخية التي صممتها الدول الغنية أن تسمح بحدوث ذلك، فإن فقراء العالم سيجدون صعوبة في أخذها على محمل الجد. لقد سحب الرئيس دونالد ترامب الولايات المتحدة الآن من اتفاقية باريس. قد يكون الوقت قد حان للدول الفقيرة النامية للانسحاب أيضا. إدواردو بورتر

*كاتب متخصص في قضايا المناخ

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست لايسنج آند سينديكيشن»