بعد أشهر من الأخبار المحبطة عن تراجع الدول عن تعهداتها المناخية وتخفيف الشركات لطموحاتها البيئية، قد يكون من السهل نسيان أن عام 2024 شهد أيضاً تطورات مذهلة في مكافحة الاحتباس الحراري. ظهرت منشآت الطاقة الشمسية في أماكن غير متوقعة، وجربت المدن مشاريع تكيف مبتكرة. وحتى النساء المسنات في سويسرا فزن بقضية مناخية كبرى في محكمة أوروبية.
عام قياسي للطاقة الشمسية
تم إطلاق الطاقة الشمسية في جميع أنحاء العالم بوتيرة قياسية، حيث ساعدت أسعار الألواح الرخيصة الدول على نشر طاقة أنظف. أظهرت الأسواق الرئيسية مثل الصين والهند وألمانيا نمواً ثابتاً، في حين ارتفع الطلب من الدول التي كانت من قبل تُبدي القليل من الاهتمام بمصدر الطاقة، وفي الوقت نفسه، تجاوزت طاقة الرياح والطاقة الشمسية هدفاً في الصين قبل ستة أعوام تقريباً من الموعد المحدد. بريطانيا تتخلص من الفحم كشفت المكتبة البريطانية عن تركيب للطاقة الشمسية بقيمة 1.5 مليون جنيه إسترليني (2 مليون دولار) على سطحها هذا العام، بينما بدأت كنيسة إنجلترا في توليد الكهرباء من نظام مذهل مكون من 438 لوحاً شمسياً على كنيسة تاريخية في كامبريدج. وفي الوقت نفسه، أوقفت المملكة المتحدة آخر محطة طاقة تعمل بالفحم في نهاية سبتمبر، مما جعلها أول دولة من مجموعة الدول السبع الكبرى تتخلص من الوقود الأحفوري من مزيج الكهرباء لديها.
وفي مجال السيارات الكهربائية، استعدت النرويج لتحقيق هدفها لعام 2025 المتمثل في إنهاء مبيعات السيارات التي تعمل بالوقود الأحفوري. وقد ساهمت الحوافز والسياسات في جعل السيارات الكهربائية عنصراً أساسياً على طرقها. اليوم، تشكل السيارات الكهربائية حوالي 25% من السيارات في النرويج، مع توفر حوالي 170 طرازاً من السيارات التي تعمل بالطاقة الكهربائية. يُنظر إلى استراتيجية النرويج كإطار عمل لدول أخرى تسعى للتحول بعيداً عن الوقود الأحفوري.
شهد الشحن الكهربائي طفرة كبرى، حيث تم التغلب على القلق من مدى السيارات الكهربائية في الولايات المتحدة خلال عام 2024. في الأشهر التسعة الأولى من العام، زاد عدد محطات الشحن الكهربائي السريع بنسبة 35%. الآن، هناك حوالي 9000 موقع عام في الولايات المتحدة، مع بناء الكثير من البنية التحتية في المناطق الريفية.… وأطلقت أول حافلات مدرسية كهربائية، وتم تشغيل أسطول من الحافلات المدرسية الصفراء الكهربائية اللامعة في أوكلاند، كاليفورنيا، كأول خدمة لحي مدرسي كبير في الولايات المتحدة.
أما أستراليا، فقد جعلت السيارات الكهربائية أكثر إتاحة، حيث بدأت الحكومة الأسترالية تمويل قروض ميسرة لمساعدة العمال ذوي الدخل المنخفض على شراء سيارات كهربائية، في محاولة لإحياء مبيعات السيارات الكهربائية المتعثرة. يمكن استخدام القروض لشراء سيارات كهربائية جديدة أو مستعملة تصل قيمتها إلى 55000 دولار أسترالي. وعلى صعيد السياسات، جاء قانون المناخ لبايدن الذي لم ينته تماماً، تواجه سياسات المناخ الأميركية الآن تحديات تحت إدارة ترامب.
ومع ذلك، علمنا هذا العام أن هناك أجزاءً كبيرة من قانون المناخ التاريخي للرئيس جو بايدن، قانون خفض التضخم، ستظل صامدة. ومن المرجح أن تظل الإعفاءات الضريبية لعشر سنوات لدفع الاستثمار في تصنيع الطاقة النظيفة آمنة. كما تم إنفاق معظم تمويل المناخ للقانون بالفعل. كما أن العمل المناخي المحلي في الولايات المتحدة حقق نجاحات، حيث أيد الناخبون في عدد من المدن الأميركية إجراءات للاستثمار في تحسين النقل العام. وصوتت ولاية واشنطن على الحفاظ على برنامج الحد من الانبعاثات والتجارة.
ووافق سكان كاليفورنيا في صناديق الاقتراع على دعم تمويل بقيمة 10 مليارات دولار للمرونة المناخية. من جهة أخرى، أدى حظر النفايات الغذائية التجارية الذي تم فرضه في ماساتشوستس عام 2014 إلى تقليل النفايات المرسلة إلى المكبات والمحارق بنسبة 7% سنوياً في المتوسط خلال أول خمس سنوات من التنفيذ. وفي البرازيل، انخفضت وتيرة إزالة الغابات في الأمازون تحت قيادة الرئيس لولا دا سيلفا، حيث وعد الرئيس البرازيلي بتشديد الإجراءات ضد إزالة الغابات في الأمازون عند توليه منصبه في بداية عام 2023.
والنتائج الأولية واعدة. في عام 2023، خفضت البلاد إزالة الغابات بنسبة 50%، وفقاً لبيانات الحكومة. وفي عام 2024، انخفضت النسبة بشكل كبير مرة أخرى، وفقاً لما ذكرته مارينا سيلفا، وزيرة البيئة البرازيلية والدبلوماسية المناخية. الأكبر سناً يكافحون تغير المناخ فازت مجموعة من النساء المسنات السويسريات بحكم تاريخي في أبريل الماضي، حيث قضت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بأن «الاتحاد السويسري قد فشل في الامتثال لواجباته» فيما يتعلق بتغير المناخ وانتهك حقوق المدعين في احترام حياتهم الخاصة والأسرية.
في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، يلعب عدد متزايد من المتقاعدين دوراً رئيسياً في الاحتجاج على توسع الوقود الأحفوري وحث معاصريهم على التصويت مع مراعاة قضايا المناخ. ومن بين الخطوات العملية في مواجهة التغير المناخي، يأتي إنتاج المياه من الهواء، حيث أجرت الشركات الناشئة تحسينات جديدة على تقنية يمكنها استخراج المياه من أكثر الأجواء جفافاً. تعتمد الأطر المعدنية العضوية (MOFs) على ضوء الشمس المحيط ولا تتطلب كهرباء لإنتاج المياه.
المدن عززت مرونتها المناخية، بينما لا يزال العالم يحاول وقف تفاقم الاحتباس الحراري، استعدت العديد من المدن للتأثيرات التي بدأت بالفعل. من بين المشاريع التي تُنفذ: تقوم مدينة بيرا في موزمبيق بنشر نظام تحذير من الأعاصير، وتتحول مدينة بولدر في كولورادو إلى حصن ضد حرائق الغابات، وتلتقط مدينة فرانكفورت تدفق الهواء للبقاء باردة. حتى مدينة نيروبي، توصلت إلى كيفية استخدام الذباب الذي يلتهم القمامة للسيطرة على الفيضانات الخطيرة.
شيوبان واجنر*
*صحفية لدى بلومبيرج.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست لايسنج آند سينديكيشن»