لطالما كان الدولار الأميركي يمثل العمود الفقري للنظام المالي العالمي، بوصفه العملة الرئيسية لتسوية التجارة الدولية. ومع ذلك، يواجه تحديات متزايدة مع تراجع حصته من احتياطات النقد العالمية إلى 59% في 2024 مقارنة بـ 70% في 2000.

يعكس هذا التراجع ضغوطاً اقتصادية وجيوسياسية دفعت دولاً عديدة للبحث عن بدائل، مثل تعزيز استخدام العملات المحلية والإقليمية في التجارة الدولية. في هذا السياق، تستخدم الولايات المتحدة الرسوم الجمركية بشكل متزايد كأداة لحماية مصالحها الاقتصادية. فبينما هدد ترامب دول مجموعة «بريكس» بفرض رسوم جمركية قاسية، سبق له الإعلان عن خطط تشمل رسوماً بنسبة 25% على المكسيك وكندا، وتعريفات إضافية بنسبة 10% على الصين.

تهدف هذه السياسات إلى تقليص العجز التجاري والحد من الاعتماد على الشركاء الذين قد يهددون مكانة الدولار. أحد أهم التحديات التي تواجه واشنطن هو توسع عضوية مجموعة «بريكس»، التي بدأت في عام 2006 بعضوية أربع دول: روسيا، الصين، الهند، والبرازيل، ثم انضمت جنوب أفريقيا في وقت لاحق. ومنذ عام 2009، وضعت «بريكس» التوسع ضمن استراتيجيتها لتأسيس نظام عالمي متعدد الأقطاب يعتمد على دول الجنوب العالمي، كبديل للنظام المهيمن من قبل الدول الغربية.

بحلول نهاية عام 2023، وجهت بريكس دعوات لمجموعة من الدول للانضمام. وفي حين اتخذت السعودية موقفاً حيادياً تجاه الانضمام، انسحب رئيس الأرجنتين من الدعوة. وعلى ضوء ذلك، أصدر ترامب تغريدة تحذر من توسع المجموعة وسعيها لتطوير عملة موحدة، سواء كانت تقليدية أو رقمية، إلى جانب نظام تداول بديل يتخطى نظام السويفت الأميركي (SWIFT)، ما قد يعزز قدرة بعض الدول، مثل روسيا وإيران، على الالتفاف على العقوبات.

ترامب، على الرغم من أنه لا يخطط لفرض قيود مباشرة على الدول، يُتوقع أن يعارض انضمام المزيد من الدول إلى المجموعة، مع تقديم حوافز مغرية لجذب الاستثمارات إلى الولايات المتحدة. فقد وعد بأن أي شركة أو فرد يستثمر مليار دولار أو أكثر في الاقتصاد الأميركي سيحصل على الموافقات اللازمة بسرعة فائقة. وفيما يخص العملات الرقمية، مع زيادة استخدام الدول الكبرى في بريكس، مثل الصين التي أصدرت «اليوان الرقمي»، يبدو أن رؤية ترامب تجاه العملات الرقمية قد تطورت. فمن المحتمل أن يدعم إصدار «دولار رقمي» بهدف تعزيز الهيمنة الأميركية في الاقتصاد الرقمي، ومواجهة أي عملة رقمية موحدة قد تطلقها بريكس أو مجموعات أخرى، في محاولة لتقويض دور الدولار في النظام المالي العالمي. ورغم المخاوف الأميركية من تطلعات بريكس لتطوير عملة مشتركة، تواجه «بريكس» تحديات تعيق تطوير عملة مشتركة قوية، مما يقلل من تأثير جهودها على المدى القريب. في المقابل، تسعى واشنطن للحفاظ على هيمنة الدولار، معتمدة على استقرار الاقتصاد الأميركي وقدرتها على التكيف مع التحولات العالمية. *باحثة سعودية في الإعلام السياسي