يشهد الإعلام في العصر الحالي تغيرات جوهرية بفضل التقدُّم التكنولوجي السريع، والانتشار الواسع لاستخدام شبكة الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي. وفي ضوء هذه التحولات، تسعى دولة الإمارات العربية المتحدة إلى أن تكون مركزاً عالمياً للإعلام الرقمي عبر الاستثمار في منصات إعلامية متطورة، وتبنّى تقنيات، مثل: الذكاء الاصطناعي، والواقع المعزز. كما تلعب الإمارات دوراً محورياً في تشكيل مستقبل الإعلام على المستويين الإقليمي والدولي، من خلال استراتيجيات مبتكرة لتطوير البنية التحتية الإعلامية والتكيف مع التحولات التكنولوجية المتسارعة.
وفي هذا السياق تنطلق اليوم فعاليات النسخة الثالثة من «الكونغرس العالمي للإعلام 2024»، الذي يُعقد في العاصمة «أبوظبي» خلال الفترة من 26 إلى 28 نوفمبر الحالي، تحت رعاية سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس الدولة، نائب رئيس مجلس الوزراء، رئيس ديوان الرئاسة. ويمثل هذا الحدث منصة عالمية تجمع الخبراء، والمبدعين، والشباب الطموح، لاستكشاف الاتجاهات الحديثة في قطاع الإعلام، وتعزيز الدور المحوري لهذا القطاع الحيوي في مواكبة التطورات التكنولوجية والتحديات المتزايدة.
وفي ظل التحولات العميقة في المشهد الإعلامي العالمي، يكتسب «الكونغرس العالمي للإعلام 2024» أهميةً خاصة، إذ يُعد فرصة لمناقشة التحديات العالمية واستشراف حلول مبتكرة تتماشى مع التغيرات الراهنة، كما يُسهم في ترسيخ مكانة الإمارات كمركز عالمي للابتكار الإعلامي، من خلال استضافة خبراء وأكاديميين عالميين، جنباً إلى جنب مع خبراء ومتخصصين ومواهب محلية شابة.
ومن المتوقع أن يشهد «الكونغرس العالمي للإعلام 2024» مشاركة واسعة تعكس أهمية الحدث على مستوى الإعلام العالمي، حيث يشارك فيه أكثر من 200 متحدث من نحو 172 دولة، ما يُشير إلى التنوع الثقافي والفكري، الذي سيثري النقاشات والحوارات. كما يُتوقع أن يحضر فعاليات النسخة الثالثة أكثر من 24 ألف زائر، وهو ما يُبرز اهتمام الإعلاميين والمتخصصين في مختلف المجالات الإعلامية بهذا الحدث الذي يمثل مناسبة مهمة لتعزيز فرص التعاون والتبادل المعرفي.
وإحدى أبرز ميزات الكونغرس العالمي للإعلام لهذا العام هي إطلاق حوارات «مختبر الإعلام»، وهي مبادرة تهدف إلى تطوير الوعي الإعلامي وتمكين الصحفيين بأحدث الأدوات والتقنيات. كما تسلط هذه الحوارات الضوء على استخدام الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة في الصحافة الاستقصائية، وتقنيات البلوك تشين لتأمين المصادر، ما يسهم في الارتقاء بمستوى الدِّقَّة والموضوعية في العمل الإعلامي. ويركز المؤتمر في نسخته الجديدة على تعزيز دور التكنولوجيا المتقدمة، مثل: الذكاء الاصطناعي وتقنيات تحليل البيانات، ويطرح قضايا تتعلق بأثر هذه التقنيات على صناعة الأخبار وموثوقيتها.
ومن خلال توفير منصات للتواصل مع الخبراء والنقاشات المعمقة في مختلف جوانب العمل الإعلامي، يحمل الكونغرس العالمي للإعلام رؤية استشرافية تعتمد على تمكين الشباب ودعم مواهبهم. ويعكس هذا التوجه التزام الإمارات باستثمار مواردها البشرية والتركيز على دعم الكوادر الإعلامية الشابة، بهدف بناء مستقبل مستدام للإعلام، قادر على مواجهة التحديات المتساُرعة، إذ تَعتبر الدولةُ الشبابَ محوراً رئيسياً في خططها التنموية.
ومن الناحية الاستراتيجية، يعكس «الكونغرس العالمي للإعلام 2024» اهتمام الإمارات بمواكبة التطورات التكنولوجية والاستفادة منها لتطوير قطاع الإعلام محلياً ودولياً. ومن خلال الجمع بين الكفاءات المحلية والدولية، تهدف النسخة الثالثة لهذا الحدث الإعلامي الكبير إلى توسيع نطاق الابتكار وتعزيز الريادة في المجالات الإعلامية والرقمية.
وفي الواقع، فإن «الكونغرس العالمي للإعلام 2024» ليس فقط منصةً للنقاش والتعلم، بل هو جسر يربط بين الماضي والحاضر والمستقبل في صناعة الإعلام. ويقدم نموذجاً لكيفية استغلال التكنولوجيا لدعم الصحافة وتعزيز دور الإعلام في التنمية المجتمعية. كما يبرز أهميةَ الاستفادة من الموارد البشرية الشابة، التي تعتبر محركاً رئيسياً لأي تطور مستدام في هذا القطاع. إن «الكونغرس العالمي للإعلام 2024» الذي يُعد انعكاساً لالتزام دولة الإمارات بدعم قطاع الإعلام عالمياً ومحلياً، من خلال التوظيف المثالي للتكنولوجيا، وتمكين الشباب، يقدم نموذجاً مستداماً لصناعة الإعلام، ويمثل خطوة مهمة نحو مستقبل إعلامي أكثر إبداعاً وفعالية، حيث تُصبح التكنولوجيا والشباب ركيزتين أساسيتين لتحقيق التغيير الإيجابي في العالم.
*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية