هل سيحدث تغيير في طبيعة الحرب بين روسيا وأوكرانيا ونطاقها؟ مؤخراً، أرسلت كوريا الشمالية 1500 جندي، وهناك حوالي 10 آلاف جندي آخرين قد ينضمون إلى القوات الروسية لمساعدتها. وهذه هي المرة الأولى التي تشارك فيها دولة خارجية بشكل مباشر في الحرب بين روسيا وأوكرانيا، وليس فقط من خلال إرسال معدات عسكرية. 
المشاركة المباشرة للجنود الأجانب، التي كانت مستبعدة حتى الآن، تغيّر طبيعة الدعم الكوري الشمالي لروسيا. وهكذا، باتت كوريا الشمالية الآن شريكاً في الحرب مع روسيا. ولئن كان الدعم الكوري الشمالي من حيث الجنود لن يؤدي إلى تغيير جذري في ميزان القوى الديموغرافي، الذي يصبّ أصلاً في صالح روسيا، فإنه قد يعززه. 
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي احتج بطبيعة الحال ولفت انتباه حلفائه إلى أن دخول جنود كوريا الشمالية في النزاع قد يكون بداية حرب عالمية ثالثة. تعليقٌ يميل إلى تهويل الموقف، بما يصبّ في مصلحة الرئيس الأوكراني. ولكن ذلك لن يحدث. ذلك أن الدول الغربية لن ترسل جنودها للقتال إلى جانب الجنود الأوكرانيين ضد هذا التحالف بين روسيا وكوريا الشمالية، وهو تحالف أقل ما يقال عنه إنه غريب. وكان إيمانويل ماكرون قد طرح هذه الفكرة، التي استقبلها القادة الغربيون الآخرون بفتور. فبالنسبة للرئيس الأميركي أو المستشار الألماني، هذا الأمر غير وارد، وعلى نحو منطقي.
خلال كل الحرب الباردة، كان حلفا وارسو و«الناتو» حريصيْن للغاية على تجنب مواجهة مباشرة، وإلا فإنها كانت ستؤدي إلى تصعيد قد يصل إلى حد استخدام الأسلحة النووية. وبالتالي، فإن مبدأ الردع هو الذي حال دون ذلك. ولهذا فإنه سيكون من الغريب، على أقل تقدير، أن يحدث اليوم ما تم الحرص بعناية على تجنبه طوال الحرب الباردة. ذلك أنه إذا كان الاتحاد السوفييتي لم يعد موجوداً وحلت محله روسيا، فإن هذه الأخيرة ما زالت دولة نووية. وفضلاً عن ذلك، فإن فولوديمير زيلينسكي أشار إلى أن أوكرانيا قد تسعى للحصول على أسلحة نووية من أجل الدفاع عن نفسها وممارسة الردع إزاء روسيا.
والجدير بالذكر هنا أنه عندما تفكك الاتحاد السوفييتي، ورثت 4 دول أسلحة نووية وهي: روسيا وكازاخستان وبيلاروسيا وأوكرانيا. وبموجب اتفاقية عام 1994، تخلت أوكرانيا عن أسلحتها النووية ووقعت على معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية كدولة غير نووية مقابل ضمانات أمنية قدّمتها روسيا والدول الغربية.
ومن هنا يمكن تفهم تصريح فولوديمير زيلينسكي بأن الأسلحة النووية يمكن أن تكون وسيلة لتحقيق الردع. غير أنه من المستبعد أن تكون لدى أوكرانيا الوسائل اللازمة لامتلاك أسلحة نووية على المدى القصير. غير أن الأمر يتعلق برسالة. 
دخول كوريا الشمالية على الخط يمثّل تأجيجاً للحرب، ولكن ليس بداية الحرب العالمية الثالثة. غير أنه خلال قمة بريكس في روسيا حيث التقى الرئيس فلاديمير بوتين الرئيس الصيني شي جين بينغ، لا بد أن بكين تنظر إلى التقارب المستمر بين موسكو وبيونغ يانغ بانزعاج، إن لم يكن بغضب. وعلاوة على ذلك، فإن هذا التقارب يثير قلق اليابان وكوريا الجنوبية بشكل خاص، وأظهر أنه عامل إضافي في التقارب بين البلدين - اللذين كانت العلاقات بينهما فاترة لفترة طويلة - ويفترض أن يعزز أيضاً علاقاتهما مع واشنطن. كما أنه يمكن أن يؤدي إلى تعزيز وجود الولايات المتحدة في آسيا، وهو ما لا يتماشى مع مصلحة الصين. 
وبالتالي، هناك بالفعل معطى جديد في الحرب بين روسيا وأوكرانيا. ذلك أن هناك تعزيزاً لقدرات روسيا العملياتية، ولن تكون هناك حرب عالمية ثالثة، على اعتبار أن الغرب لا يرغب في انخراط عسكري مباشر بقوات على الأرض إلى جانب أوكرانيا. 

*مدير معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية في باريس