أسهمت التقنيات الحديثة في خدمة الإنسانية وتعزيز حجم المعرفة وتطورها، كما عملت على توحيد النطاق العالمي والمعلوماتي للدول، وأوجدت الكثير من الوسائل والسبل الكفيلة بنقل وتداول وتلقي المعلومات بسرعة كبيرة، ودون أية عوائق أو محددات أو حتى سبل رقابة ومتابعة.
وسهلت هذه التقنيات عملية خلق ونقل المحتوى التقني المعلوماتي والأخبار، ومكنت الجميع دون استثناء من خلق المحتوى الإعلامي ونشره، وأوجدت للجميع، ودون أي عناء أو جهد، ودون أية تكلفة مالية أو مادية، منصة معلوماتية رقمية، يستطيع من خلالها أي فرد أو مؤسسة نقل وتبادل المعلومات والأخبار.
وبقدر ما وفرته تلك التقنيات من خدمة عظيمة للأفراد والمؤسسات الرشيدة والمسؤولة، بقدر ما أسهمت في الجانب الآخر بتهديد الأمن والاستقرار للدول والمجتمعات، عبر ممارسات غير مسؤولة من أفراد ومؤسسات، إضافة إلى اعتماد التنظيمات والجماعات الإرهابية والإجرامية عليها في نقل وتبادل المعلومات، وفي تنفيذ أجنداتهم الخبيثة والمغرضة التي تستهدف أمن وسلامة الدول، وتهديد الوحدة الوطنية والكيانات المجتمعية والإنسانية.
لقد تنبه المجتمع الدولي لمخاطر تقنيات الاتصالات الرقمية وتهديداتها مبكراً، وعمل على وضع الأطر القانونية والتشريعية الكفيلة بمحاربتها والحد منها، كما سعى إلى تعزيز سبل الوقاية والحماية من الآثار السلبية والمدمرة التي ترتبط بالممارسات السلبية لتقنيات الاتصالات الحديثة، وأوجد آليات قانونية وتقنية فعالة وناجعة لتوفير الحماية للدول والمجتمعات، أسهمت في فرض مواثيق أخلاقية ملزمة على كل المواقع والمنصات الرقمية الإعلامية والإخبارية والمعلوماتية، وهي مواثيق أصبحت ملزمة للمؤسسات نفسها، وتؤكد عليها كل المؤسسات الدولية والإقليمية.
وطورت العديد من الدول الغربية تشريعاتها على النحو الذي يُمكنها من محاربة واستهداف كل الممارسات السلبية وغير القانونية والأخلاقية، والتي مكنت تلك الدول من تحقيق المساءلة والمحاسبة لجميع الأفراد والمؤسسات التي تسيء استخدام المنصات الإعلامية والإخبارية الإلكترونية، وفرضت جزاءات قوية ورادعة على المؤسسات الإعلامية نفسها قبل أن تفرضها على المعنيين بتلك الممارسات غير القانونية.
وحرصت دولة الإمارات العربية المتحدة على تعزيز تجربتها الفريدة في هذا المجال، وذلك من خلال الاعتماد على تعزيز الثقافة المؤسسية والمجتمعية من جهة، وترشيد كل الممارسات والاستخدامات المتعلقة بشبكات التواصل الاجتماعي والمنصات الإعلامية من الجهة الأخرى.
وحرصت الدولة على تطوير القوانين والتشريعات المتعلقة بتنظيم كل الممارسات والاستخدامات الخاصة بتقنيات الاتصالات الإلكترونية الحديثة، والمنصات الإعلامية والإخبارية العامة والخاصة والمفتوحة، وهو ما أوجد إحدى أفضل المنظومات القانونية الكفيلة بحماية الأمن الوطني وتأمين السلامة الوطنية والمجتمعية بالدولة.
ومن خلال العديد من المبادرات الوطنية الهادفة إلى نشر الثقافة المجتمعية، حرصت الإمارات على التعريف بمخاطر ومحاذير الممارسات الإعلامية غير المسؤولة، والتعريف بما تمثله تلك الممارسات من مخالفات وتجاوزات يعاقب عليها القانون، كما عملت الدولة على ترشيد الممارسات الفردية والمؤسسية بالتأكيد على أهمية الالتزام بالقوانين والتشريعات الوطنية المعنية باستخدام التقنيات الرقمية ومنصات التواصل الاجتماعي، وبما يشمل الامتناع عن نشر الأخبار الكاذبة أو الإشاعات أو تداول كل ما يمثل تهديداً للأمن الوطني والمجتمعي، أو يشكل خروجاً على القوانين والتشريعات الوطنية، أو يسهم في خدمة الكيانات الإرهابية والمتطرفة، مع التأكيد على حق الدولة في المساءلة والمحاسبة المتعلقة بأية تجاوزات أو مخالفات تأتي في هذا السياق.
وفي المطلق، فإن دولة الإمارات العربية المتحدة كانت دائماً حريصة على التواصل السريع والفاعل مع المجتمع لإبراز كل الحقائق والمعلومات الصحيحة والمؤكدة، وتؤكد دائماً أهمية التواصل مع المؤسسات الإعلامية الرسمية للاستعلام أو لتلقي المعلومات الصحيحة من مصادرها الرسمية والمؤكدة.
*كاتبة إماراتية.