بتوجيهات من صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، تم إعلان الثامن عشر من كل عام يوماً وطنياً من أيام دولة الإمارات تحت مسمى يوم عهد الاتحاد، يحتفى به سنوياً. ويأتي ذلك لكي يضاف إلى سلسلة عقد المناسبات الوطنية الرئيسية: العيد الوطني ويوم العَلَم ويوم الشهيد. يوم عهد الاتحاد يجسد استذكاراً للزمن الذي تم فيه وضع اللبنات الأولى لقيام الدولة الاتحادية والتوقيع على وثيقة الاتحاد ودستورها وأعلن فيه بيان الاتحاد والمسمى الرسمي للدولة.

وذكر صاحب السمو رئيس الدولة أن إعلان «يوم عهد الاتحاد» هو مناسبة لاستذكار ما أرساه الآباء المؤسسون بقيادة المغفور له، بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وأسكنه الفردوس الأعلى من جناته، ولمحطات المسيرة المباركة لوطننا الغالي واستلهام الدروس والعبر في الحاضر والمستقبل، وتجديد العهد مع الخالق عز وجل والقيادة الرشيدة والشعب الوفي. إنّ الهدف من هذا الاستذكار في هذا اليوم المجيد، هو أن تظل راية دولة الإمارات عالية خفاقة والوحدة الوطنية هي السياج المنيع لحماية المسيرة المباركة والإنجازات المشهودة. إنّ ما يهدف إليه إعلان الثامن عشر من يوليو «يوم عهد الاتحاد»، هي ثلاثة أمور أساسية تشكل عنواناً لهذه المناسبة هي ترسيخ الوعي الوطني، وترسيخ المبادئ والمثل الوطنية وتأكيد الانتماء لهذا الوطن المعطاء بجميع مكوناته ومعطياته السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وحمايته من كل طامع ومخرب وحاقد بالروح والدم والولد والتلد.

وبإلقاء نظرة على هذا التوجيه السامي من منظور تحليلي تمثل مسألة الاستذكار جوهر الموضوع بما تعنيه من تركيز على الاستدامة بما تمثله بكونها أكثر الأنشطة أهمية، فهي تعني المحافظة بنجاح واستمرارية على الوحدة المكانية وأمن واستقرار الكيان السياسي القائم والشعب الذي يقيم على أرضه والقيادة التي تتولى أمره، وصون الممتلكات العامة والخاصة من كل سوء أو ضرر، قد يلحق بها من أي معتد أثيم داخلياً وخارجياً.

ولكي يتحقق ذلك بشكل مستدام وناجح لا بد من تحقيق التفاعل بين ثلاثة معطيات متكاملة رغم ما تبدو عليه من تباين. الأول، هو المحافظة على الكيان الجغرافي للدولة، فالجغرافيا ذات معطيات سياسية وتقدم فهماً لتكيف النشاط الاجتماعي مع البنية الداخلية والخارجية، وهي بيئات لا بد وأن تكون واقعة تحت السيطرة السياسية للدولة وتقدمان وقائع حية لمجال التحديات التي تقف أمامها وأدلة على قوتها.

ثانياً، الإمكانيات والمعوقات تعتمد على ميزاتها المكانية والقيادية وعلى كفاية شعبها وفقاً لعناصر محددة يمتلكها. وهذه العناصر قد تكون مرئية أو غير مرئية لكنها ذات أهمية في التأثير على قدراتها. ثالثاً، مصطلح استذكار مفردة مهمة تحمل في طياتها التكيف مع المتغيرات الزمنية التي تمر بها الدولة، بما يعني أن عليها الاستعداد المستدام سياسياً وعسكرياً واستراتيجياً واقتصادياً واجتماعياً لكل متغير قادم.

وهذا يحتم الاستجابة السريعة لعامل الزمن والتجاوب مع متطلبات العصر، فالتغير قد يكون هو مصدر الاستقرار والاستدامة في سياق من الأخذ بكل ما هو جديد ونافع على الصعد الاقتصادية والتجارية والتكنولوجية والإلمام بتفاصيل الذكاء الاصطناعي واستخداماته، والعكس صحيح. نخلص من ذلك إلى أن تسمية الثامن عشر من سبتمبر يوماً لعهد الاتحاد هو نظرة إلى المستقبل المشرق لهذه الدولة، وهذا المجتمع أكثر من كونه عودة إلى الماضي لمجرد الاستذكار.

*كاتب إماراتي