تواصل دولة الإمارات تحقيق إنجازات تنموية تراكمية في المجال الصناعي، تؤكد ريادتها التنافسية في هذا المجال، والمكانة المرموقة التي وصلت إليها، إقليمياً ودولياً، ضمن رؤية تسعى إلى إنشاء منظومة صناعية متكاملة تعتمد التقنيات المتقدمة، بهدف دعم النمو الاقتصادي في الدولة.

ولعل من أحدث المؤشرات التي تؤكد هذا التطور الكبير للقطاع الصناعي في الدولة، احتلالها المرتبة الأولى عربياً في مؤشر الأداء الصناعي التنافسي CIP «الصادر عن منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية (UNIDO ) لعام 2024، متقدمة مرتبتين عن ترتيبها في عام 2023. وقد حلت الإمارات، وفق هذا المؤشر الذي يغطي تنافسية القطاع الصناعي في 153 دولة حول العالم، في المرتبة الـ27 عالمياً، بالارتكاز على القيمة التصنيعية المضافة ومحور الصادرات التصنيعية ضمن أبعاد رئيسة هي: القدرة التصنيعية الإنتاجية والتصديرية والعمق والتطور التكنولوجي والتأثير العالمي. كما يقيس مؤشر الأداء الصناعي التنافسي، الأداء الصناعي الوطني في الاقتصاد العالمي، بحيث يقدم مقارنة مرجعية لقدرة الدول على الإنتاج والتصدير بشكل تنافسي، ويقارن القدرة التنافسية الصناعية الوطنية للدول، معتمداً على معايير عدة منها القدرات التكنولوجية والابتكارية والإنتاجية والأداء التجاري للقطاع الصناعي.

وهنا لا بد من الإشارة إلى أن مساعي دولة الإمارات في سبيل تمكين ودعم القطاع الصناعي، قد ركزت على الارتقاء بمعايير الجودة، ورفع الجاذبية الاستثمارية، واستقطاب أفضل العقول والمهارات والكفاءات، وتطوير القدرات الوطنية في المجال الصناعي. وقد جاء تأسيس وزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة في دولة الإمارات عام 2020، بهدف تمكين القطاع الصناعي ورفع مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي، من خلال منظومة وطنية صناعية متكاملة، وتعمل الوزارة على طرح برامج ذات مستوى عالمي للتنمية الصناعية تساعد على جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وتعزز القيمة الوطنية المضافة، وتدعم ريادة الأعمال الوطنية، وتعمل بشكل متواصل على فتح فرص العمل، واستقطاب المواهب والعقول المبدعة، والارتقاء بالكوادر الوطنية، وتعزيز صادرات المنتجات المحلية من خلال تطوير تنافسيتها.

ومن بين أحدث المبادرات التي قامت بها وزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة لترسيخ مرونة القطاع الصناعي وتنافسيته، مبادرة «تصفير البيروقراطية»، التي تعمل على تطوير إجراءات عدد من الخدمات المقدَّمة للقطاع الصناعي في الدولة، بما يعزز نمو أعمال هذا القطاع، وقد نجح فريق المبادرة بإلغاء نحو 2000 إجراء حكومي، مع تقليص مدة الخدمات الحكومية بنسبة 50%، وإعادة هندستها ضمن منظومة الخدمات المتكاملة الاستباقية. وتتنوع المجالات الصناعية التي تعمل دولة الإمارات على تطويرها وتعزيز التنافسية فيها، ومنها على سبيل المثال لا الحصر«تصنيع السيارات الكهربائية»، و«جهود خفض الكربون»، و«إنتاج الطاقة الخضراء»، و«تكنولوجيا الفضاء».

كما تعمل وزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة ضمن مبادرة «التحول 4.0» على تسريع وتيرة التحول التكنولوجي في القطاع الصناعي، عبر تطوير مسار مسرع لدعم 100 شركة مصنعة في مسار التحول التكنولوجي.

وثمة الكثير من الإحصائيات التي تؤكد التطور الكبير للقطاع الصناعي في دولة الإمارات، فبحسب إحصائية صادرة في يناير 2024، فقد تم إنجاز نحو 30% من مستهدف مشروع الـ«300 مليار»، الذي أُطلق عام 2021 لتصل مساهمة القطاع الصناعي في الناتج المحلي إلى ما يقدر بـ197 مليار درهم عام 2023، كما حققت الصادرات الصناعية إلى أسواق العالم نمواً يبلغ 17% منذ إطلاق مشروع الـ«300 مليار» لتصل إلى ما يقدر بـ187 مليار درهم (يُذكر هنا أن مشروع الـ«300 مليار» هو مشروع يرمي إلى تطوير وتحفيز القطاع الصناعي في دولة الإمارات، ورفع مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي من 133 مليار درهم إلى 300 مليار درهم بحلول عام 2031).

إن التقدم المستمر الذي تحققه دولة الإمارات في مجال تعزيز تنافسية القطاع الصناعي، يأتي نتيجة للجهود الفاعلة التي تبذلها الحكومة في سبيل تطوير هذا القطاع، من خلال مبادرات وخطوات استباقية تعزز نموه، وتجعل الإجراءات الحكومية فيه أبسط وأسرع وأسهل وذات كفاءة عالية.

*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.