في إطار جهود دولة الإمارات العربية المتحدة لتعزيز الاستدامة، تنعقد الدورة العاشرة من القمة العالمية للاقتصاد الأخضر، يومي 02 و03 أكتوبر 2024، في مركز دبي التجاري العالمي تحت شعار «تمكين الجهود العالمية: تهيئة الفرص ودفع عجلة التطور»، تحت رعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، لمناقشة مجموعة من المحاور الرئيسية تشمل إزالة الكربون، والتطورات في مجال الطاقة النظيفة بما في ذلك الهيدروجين الأخضر وتخزين الطاقة، والاقتصاد الدائري، ودور التكنولوجيا في التعامل مع التغير المناخي، بالإضافة إلى القضايا الخاصة بالغذاء والماء.

وما يؤكد أهمية تلك القمة، التي ينظمها المجلس الأعلى للطاقة في دبي، وهيئة كهرباء ومياه دبي، والمنظمة العالمية للاقتصاد الأخضر، أنها تجمع نخبة من الخبراء لتبادل الأفكار والخبرات وتعزيز التوافق بين صناع القرار والمعنيين بقطاعات الاقتصاد والطاقة والمناخ، من أجل تقديم حلول مبتكرة لتسريع تحقيق أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة 2030، مع تهيئة المجال للنهوض بالاقتصاد الأخضر وترسيخ التعاون في مجالات الابتكار والتكنولوجيا والتمويل الأخضر، وتفعيل الشراكات بين القطاعين الحكومي والخاص.

ولا بد من التأكيد في هذا السياق أن استضافة دولة الإمارات لقمة المناخ «كوب28» خلال الفترة من 30 نوفمبر وحتى 12 ديسمبر 2023 بمدينة إكسبو دبي، كانت خُطوة نوعية مهمة لتعزيز مستقبل الطاقة المُتجددة في الإمارات والعالم، ما يعكس الدور الريادي للدولة في الملف المناخي، بالنظر لما تتمتع به من خبرة فنية وقدرة اقتصادية وإرادة سياسية كفيلة بجعلها رائدة في مجال تحول الطاقة، وتسهم استثماراتها في مجال الطاقة المتجددة في دعم الجهود العالمية لتحقيق الاستدامة.

وكانت دولة الإمارات قد أطلقت «استراتيجية الإمارات للحياد المناخي 2050»، في 9 نوفمبر 2023، في إطار التزامها بمستقبل أكثر استدامة، بحيث تلتزم بموجبها بخفض الانبعاثات بنسبة 40% بحلول عام 2030، و60% بحلول 2040، وصولاً لصافي انبعاثات صفرية بحلول 2050. كما تلعب المبادرات القطاعية دوراً حيوياً في ذلك، خاصة في قطاعات الطاقة والصناعة والنقل والزراعة والنفايات والبناء، من خلال أكثر من 25 برنامجاً سيتم تنفيذها في المدى القريب، ما يسهم في تحقيق نمو الناتج الإجمالي بنحو 3%، ويعزز الصادرات الوطنية، مع توفير نحو 200 ألف وظيفة.

ويضاف إلى ذلك أنه وفي إطار تكثيف الجهود لتحقيق مستهدفات الدولة فيما يتعلق بالتنمية المستدامة والتنويع الاقتصادي والحفاظ على الموارد الطبيعية والبيئة، أعلن المجلس الأعلى للشؤون المالية والاقتصادية، في 29 نوفمبر 2023، إصدار «السياسة العامة للهيدروجين منخفض الكربون»، والتركيز على إنشاء واحات للهيدروجين ومجمعات للكهرباء النظيفة لاستقطاب الاستثمارات ورفع الكفاءة التشغيلية، مع دعم إنتاج الهيدروجين منخفض الكربون والصناعات المرتبطة به.

ويعد توفير حلول تمويلية مُبتكرة كالسندات والصكوك الخضراء بمثابة ركيزة أساسية لجهود تعزيز الاستدامة، ومن الجدير بالذكر أن الإمارات قد قطعت شوطاً كبيراً في هذا الصدد من خلال إعلان أبوظبي للتمويل المستدام، وإعلان دبي للتمويل المستدام، وإصدار الإطار الوطني للتمويل المستدام، كما أكدت وكالة «فيتش» للتصنيف الائتماني استحواذ الإمارات على 19% من الصكوك المستدامة عالمياً، إذ بلغ حجم الصكوك البيئية والاجتماعية والحوكمة القائمة بالإمارات نحو 6.4 مليار دولار في نهاية الربع الثالث من عام 2023، وبزيادة بنحو 41% مقارنة بقيمتها في الربع الثاني للعام نفسه، مع توسع شركات وبنوك إماراتية في إصدار الصكوك الخضراء.

وفيما يعكس فعالية تلك الجهود، جاءت الإمارات في المركز الثاني عالمياً في «مؤشر المستقبل الأخضر العالمي 2023» فيما يتعلق بتحوّل الطاقة، لتتقدم بذلك ثمانية مراكز عن عام 2022، ما يعكس ثمار الجهود المبذولة لتعزيز العمل بالملف المناخي، وبناء اقتصاد مستدام، وبما يتسق مع استراتيجية الإمارات للتنمية الخضراء والتي تستهدف جعل الدولة مركزاً لتصدير وإعادة تصدير المنتجات والتقنيات الخضراء، والحفاظ على بيئة مستدامة تدعم نموها الاقتصادي.

*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.