بتوجيه سامٍ من صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، تم اعتماد يوم الثامن عشر من يوليو مناسبةً وطنية تعبر عن روح وتاريخ الدولة، واعتماده رسمياً «يوم عهد الاتحاد» كمناسبة وطنية يتم الاحتفاء بها سنوياً، وهو اليوم الذي عقد فيه قادة الإمارات اجتماعَهم التاريخي في العام 1971، معربين عن عزمهم على إقامة الاتحاد، ووقعوا فيه «وثيقة الاتحاد» و«دستور الدولة»، يتقدمهم المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان وإخوانه الحكام، لتنطلق المسيرة نحو تحقيق الغايات السامية، والنهضة الحضارية لدولة الإمارات العربية المتحدة، منذ ذلك اليوم الذي أُعلن فيه أيضاً «بيان الاتحاد» والاسم الرسمي لـ«دولة الإمارات العربية المتحدة».

وإذ يعبّر توجيه سمو رئيس الدولة عن أهمية هذا اليوم في التاريخ السياسي والإنساني والحضاري للدولة، فإنه يؤكد على الالتزام القيمي لدولة الإمارات بتأصيل عنايتها واحتفائها بالمنجزات والمفاصل الوطنية في تاريخ الذاكرة السياسية للإنسان والوطن، تلك الذاكرة التي تجسدت في العديد من المناسبات الوطنية التي أصبحت جزءاً من هوية الإمارات والإنسان الإماراتي، وجزءاً رئيسياً من ثقافته الوطنية الجامعة، يعبر من خلاله الإماراتيون جيلا بعد جيل إلى تاريخ تأسيس الدولة وبنائها على يد القادة، كما يرون من خلالها مختلف الثقافات والمكونات الإنسانية، للتعريف بوطن عظيم اسمه الإمارات، وطن سبق بنهضته وحضارته الكثير من الأوطان، وتربع على قمة المجد، بما حققه من منجزات عالمية وضعته في صدارة دول العالم، وجعلت من تجربة الاتحاد درساً ملهِماً لبناء الدول وتطورها، ولتحقيق الغايات البعيدة أو المستحيلة أحياناً.

وتكمن أهمية الاحتفاء بهذا اليوم المهم في تاريخ الذاكرة الوطنية، انطلاقاً من كونه وضعَ الأسسَ الرئيسيةَ لبناء وتأسيس دولة «اتحاد الإمارات» في الثاني من ديسمبر عام 1971، ومن هنا يأتي الاحتفاء به كجزء من إرث الآباء المؤسسين، وأمانة الأجيال تجاه وطنهم، وليكون جزءاً من ثقافة الولاء والانتماء التي يعبر من خلالها أبناء الإمارات إلى المستقبل، محمّلين بالقيم والمبادئ التي انطلقت منها الدولة عند تأسيسها، ومستلهمين ما تعنيه وتعبّر عنه تلك المناسبات الوطنية، من دروس وعبر تحمل تفاصيلها الرحلة الملهمة لبناء الوطن، وما تتضمنه من مفاصل رئيسية عكست قوة وإيمان وقدرة الآباء المؤسسين، ومدى إيمانهم بالمشروع وصلابتهم في تحقيق أهدافه، وتمسكهم بالإصرار والتحدي الذي مكنهم من مواجهة كل التحديات والمعوقات، والتغلب عليها بإقامة الدولة القوية الجامعة والمستقلة.

وبقدر ما يعبر عنه هذا اليوم من احتفاء بذكرى الاجتماع التاريخي، وبمواقف القادة المؤسسين، فإنه مناسبة لاستذكار الروح الخالدة للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وجهوده المثمرة في تأسيس الدولة وإقامة صرحها، وهي المسيرة التي بدأها منذ توليه الحكم في إمارة أبوظبي في العام 1966، حيث بدأ العمل على بلورة رؤاه حول ضرورة قيام الاتحاد، وذلك من خلال إقامة كيان سياسي موحد وقادر على مواجهة مختلف التغيرات الجيوسياسية في المنطقة، وإقامة دولة لها مكانتها العالمية في مختلف المحافل الدولية، وقادرة على رعاية مصالحها وتأمين حاضر ومستقبلها، وعلى تحقيق ما يتطلع له مواطنوها من خدمة ورعاية ورفاهية.

وقد استمرت جهود الراحل المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان حتى العام 1971، بالدعوة إلى الاجتماع التاريخي الذي عقد في الثامن عشر من يوليو، حيث وقّع وإخوانه الحكام «وثيقة الاتحاد» ودستور الإمارات، وأعلن فيه بيان الاتحاد والاسم الرسمي لدولة الإمارات العربية المتحدة.

*كاتبة إماراتية