على أمل الوصول إلى البيت الأبيض ورئاسة الولايات المتحدة لأربع سنوات قادمة، اجتمع كل من الرئيس الحالي جو بايدن والرئيس السابق دونالد ترامب في أولى المناظرات بينهما.

وإنْ انسحب بايدن تلبيةً للأصوات التي ارتفعت من داخل حزبه «الديمقراطي» نظراً لضعف أدائه والتشكيك بقدراته الصحية على أن تحل محله نائبته كمالا هاريس في المنافسة، فإن ذلك لا يمنع من أن ترامب هو المرشح الأكثر قوة للفوز في الانتخابات، على الرغم من المشاكل والقضايا التي تلاحقه والتي لم يواجهها رئيس أميركي من قبل. لم تقتصر أجواء الانتخابات الساخنة على واشنطن وحدها، ففي طهران، فاز المرشح «الإصلاحي» مسعود بزشكيان على المرشح «المحافظ» سعيد جليلي. وفي فرنسا يعيش كل من الأحزاب والشعب صراعاً عنيفاً ضد اليمين المتشدد في الانتخابات التشريعية، ولندن ليست مستثناة من تلك الأجواء التي انتهت بفوز حزب «العمال» في الانتخابات البرلمانية بالأغلبية المطلقة على حساب «المحافظين».وبالرغم من أهمية كل ما يحدث في العالم، إلا أن الانتخابات الأميركية تبقى سيدة الموقف لما للولايات المتحدة من ثقل دولي.

ففي المناظرة الرئاسية الأولى التي عقدت في استوديو «سي إن إن»، اجتهد بايدن لتفادي هجمات ترامب الشرسة، لكنه ظهر مشوشاً وتعثر حتى باستحضار الأرقام والمعلومات، وهو ما دعا ترامب لينعش أحياناً ذاكرة الرئيس. ولهذا، فإن ظهور بايدن الباهت وأداءه المهتز فتح الباب أمام العديد من الاحتمالات لطرح بدائل من داخل صفوف الديمقراطيين لإنقاذ الحزب من الهزيمة، وربما هي أول مرة يكثر فيها اللغط على هذا النحو، وقبل أشهر قليلة من الذهاب لصناديق الاقتراع في نوفمبر المقبل. الأصوات من داخل الحزب «الديمقراطي» اعتبرت نتيجة المناظرة كارثية، وهو ما عبّر عنه جون فافريو - كاتب خطابات الرئيس الأسبق أوباما - على منصة إكس، فيما أشار عمدة سان أنطونيو «الديمقراطي» السابق، جوليان كاسترو، إلى أن بايدن بدا غير مستعد لمناظرة خصمه، وهو ما أكدته بعض وسائل الإعلام كصحيفة نيويورك تايمز التي كتبت إن «أعظم خدمة عامة يمكن أن يؤديها بايدن الآن هي الإعلان عن أنه لن يستمر في الترشح لإعادة انتخابه»، ومجلة تايم الأميركية التي حمل غلافها فقط صورة للرئيس بايدن، وكأنها تشير إلى أنه على وشك مغادرة البيت الأبيض. في المقابل شن أميركيون حملة على منصات التواصل الاجتماعي ضد بايدن الذي يرفض وبإصرار عدم خوض الانتخابات، متعهداً بالبقاء في السباق الرئاسي، ومؤكداً على أنه لائق للترشح لفترة جديدة، وكأنّه يشدّ أزره برهان قطاع كبير من «الديمقراطيين» على تلاشي آثار المناظرة خلال الأسابيع القليلة المقبلة، وكذلك بقدرة الفريق الرئاسي المساعد على معالجة الثغرات التي أظهرها خلال مواجهة خصمه، وفي ظل استغلال حالة الخوف التي تنتاب العديد من نجوم ورموز المجتمع الأميركي الذين يرفضون ترامب ويرون فيه المعادي لقيم الديمقراطية الأميركية، وذلك وفق ما ظهر خلال فترة رئاسته السابقة بين عامي 2016-2020.

إن المناظرة التي جمعت بين المرشحين العنيدين، ألقت بظلالها على المشهد العام، ودفعت حزب الرئيس إلى إعادة حشد قواته، فيما أعلن حكّام الولايات الأميركية «الديمقراطيون» خلال اجتماع في البيت الأبيض دعمهم لبايدن للبقاء في السباق الرئاسي وللفوز بالتالي بولاية ثانية.

الوقت لا يزال مبكراً للتنبؤ بما سيحدث، خصوصاً وأن المزاج العام للناخب الأميركي متقلب بشكل عام، وبالتالي السيناريوهات مفتوحة على عدة احتمالات. فمن يا ترى سيدخل البيت الأبيض ثانية؟ بايدن الذي تخونه ذاكرته أحياناً، أم ترامب الذي يشغل العالم بسياساته؟