أعلنت الأمم المتحدة، في ديسمبر الماضي، تصوراً أولياً لخريطة طريق مقترحة مع جماعة «الحوثيين» في اليمن، تنهي الحربَ التي اندلعت منذ عام 2014، بعد انقلاب الجماعة على السلطة وسيطرتها على العاصمة وغالبية محافظات البلاد.

وهو التصور الذي تم التوصل إلى مقدماته بعد جهود مضنية ومفاوضات شاقة قادتْها الأمم المتحدة مع الحوثيين، وأدت إلى وقف لإطلاق النار دخل حيز التنفيذ في أبريل 2022، وأسهم في تثبيت الهدنة التي انتهت في أكتوبر من العام الماضي.

وفي الإعلان ذاته، أعربت الأمم المتحدة عن الخشية من أن التصعيد العسكري في المنطقة، والذي ردت عليه الولايات المتحدة وتحالفها في البحر الأحمر بغية التصدي لهجمات الحوثيين على السفن، قد يعوق أو يقوض جهودَها في التوصل إلى حل سلمي للنزاع العسكري باليمن، والذي طال أمده وارتفعت تكلفته وتعقّدت فصوله. وفي حين رحّبت وزارة الخارجية السعودية بالبيان الصادر عن المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن، «هانس غروندبرغ»، المتعلق بالتوصل إلى خريطة طريق لدعم مسار السلام، كما أبلغت الأممُ المتحدةُ الحكومةَ اليمنيةَ بضرورة الاستجابة لخطة السلام وقبول التسوية السلمية للنزاع، حيث تقدم الخطة للحوثيين مكاناً في حكومة الوحدة الوطنية المقترحة، فيما ستحصل الحكومةُ اليمنية المعترف بها دولياً على الأمن والاستقرار، وبسط سلطتها على مناطق اليمن كافة.

إلا أن كل ذلك التفاؤل تلاشى، وعلى لسان المبعوث الخاص للأمم المتحدة نفسه، حيث أعلن أن خريطة الطريق التي توصلت إليها المنظمة الدولية لا يمكن المضي فيها «إذا استمرت هجمات الحوثيين على السفن في البحر الأحمر».

وهي التصريحات التي جاءت منسجمةً مع تصريح المبعوث الأميركي لليمن «تيم ليندركينغ»، والذي أعلن أن الهجمات العسكرية التي تقوم بها جماعة «الحوثي»، وتتصدى لها بلادُه في البحر الأحمر، تعوق التوصلَ إلى حلول سلمية للنزاع في المنطقة، وأن الحل لن يكون إلا دبلوماسياً رغم إدراج الجماعة على اللائحة الأميركية للمنظمات الإرهابية.

وبحسب المتحدث باسم الخارجية الأميركية، فإن الولايات المتحدة كانت واضحة وثابتة في موقفها، مؤكداً أنها تدعم السلامَ باليمن، لكن أي اتفاق للسلام لا يمكن أن يتم إلا بعد أن يقوم الحوثيون بوقف هجماتهم على السفن في الممرات المائية كافة بالمنطقة. وإذ تتشدد الإدارة الأميركية في مواقفها تجاه الحوثيين، فإنها تلوِّح لهم في الوقت ذاته بالعديد من الحوافز التي ستقَدَّم إليهم حال وقفهم الهجمات العسكرية ضد السفن.

وكانت الإدارة قد سارعت إلى تشكيل تحالف عسكري بحري يضم 20 دولة يهدف لحماية الممرات المائية، وتأمين سلامة حركة الملاحة الدولية، وبدأت في تنفيذ العديد من العمليات العسكرية التي استهدفت خلالها جماعة الحوثيين بشكل مباشر، قائلةً إن الجماعة ترفض أيَّ حلول دبلوماسية وأيَّ فرص للسلام من شأنها إعادة الأمن والاستقرار إلى المنطقة التي عانت طويلاً، وعلى رأسها اليمن الذي ذهب في مأساته بعيداً.

لقد وضعت هجمات جماعة «الحوثي» الإدارةَ الأميركية في مأزق حقيقي، اقتضى منها إعادة الجماعة إلى لائحة الإرهاب بعد أن كانت قد أخرجتها منه بداية فترة ولاية بايدن. وبذلك تعود الولايات المتحدة لضبط بوصلتها في المنطقة تجاه دعم الشرعية في اليمن والتصدي للحوثيين وتهديدهم للأمن والسلم الإقليميين.

*كاتبة إماراتية