قبل بضعة أيام، طرح الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب اقتراحاً اقتصادياً مثيراً للجدل وغير قابل للتنفيذ. أعلم أن العديد من القراء سيقولون: «إذن، ما هو الجديد؟»، لكن من خلال القيام بذلك، فإنك تسمح لترامب بالاستفادة من التعصب الناعم المتمثل في التوقعات المتدنية للغاية، ولا تلزمه بالمعايير التي ينبغي أن تنطبق على أي مرشح رئاسي. لا ينبغي للسياسي أن يتسامح مع الهزل، لأنه يتحدث على نحو غير معقول طوال الوقت.
لكن الشيء الأكثر إثارةً للاهتمام في أحدث أفكار ترامب السياسية هو الطريقة التي استجاب بها حزبُه (الجمهوري)، ذلك النوع من الخضوع وجنون العظمة الذي تتوقعه عادةً في أماكن مثل كوريا الشمالية.
تشير التقارير إلى أن ما اقترحه ترامب كان عبارة عن «سياسة تعريفية شاملة»، حيث تحل الضرائب على الواردات محل ضرائب الدخل. لماذا تعد هذه فكرة سيئة؟
أولاً، هذا الاقتراح لا يصلح من الناحية الحسابية، إذ تبلغ عائدات ضريبة الدخل السنوية نحو 2.4 تريليون دولار، والواردات حوالي 3.9 تريليون دولار. في ظاهر الأمر، قد يبدو هذا وكأنه يشير إلى أن فكرة ترامب تتطلب متوسط ​​معدل تعريفة يبلغ نحو 60%. لكن الرسوم الجمركية المرتفعة من شأنها أن تقلل الواردات، وبالتالي فإن معدلات التعريفات الجمركية لا بد أن ترتفع لتحقيق نفس القدر من الإيرادات، وهو أمر من شأنه أن يقلل الواردات بشكل أكبر، وهكذا. ما هو الارتفاع الذي يجب أن تصل إليه التعريفات في النهاية؟ لقد أجريتُ حساباتٍ تقريبيةً باستخدام افتراضات مؤيدة للغاية لترامب، وتوصلت إلى معدل تعريفة يبلغ 133%. وفي الواقع، ربما لا يوجد معدل تعريفة مرتفع بما يكفي ليحل محل ضريبة الدخل.
وبقدر ما استبدلنا ضرائب الدخل بالتعريفات الجمركية، فسنقوم في الواقع برفع الضرائب بشكل حاد على الأميركيين من الطبقة العاملة، بينما نمنح الأغنياءَ تخفيضاً ضريبياً كبيراً، لأن ضريبة الدخل تصاعدية إلى حد ما، وتقع بشكل أكبر على دافعي الضرائب الأثرياء. في حين أن التعريفات الجمركية هي في الواقع نوع من ضريبة المبيعات التي تقع بشكل كبير على الطبقة العاملة. لذا فهذه فكرة سيئة حقاً، ولن تحظى بشعبية كبيرة إذا عَلِم الناخبون بها.
لكن إليكم الأمر المثير: كيف ردت اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري عندما سئلت عن ذلك؟ لقد رد ممثلها بإعلان التالي: «فكرةُ أن الرسوم الجمركية هي ضريبة على المستهلكين الأميركيين، هي كذبة يروجها المتعاقدون الخارجيون، والحزب الشيوعي الصيني»!
والآن، حيث إن الاقتصاديين كانوا يقولون إن التعريفات الجمركية هي ضريبة على المستهلكين المحليين على مدى القرنين الماضيين أو نحو ذلك، يبدو أنهم وفق هذا المنطق كانوا يعملون لصالح الصين طوال الوقت! نعم، هناك استثناءات ومؤهلات، لكن إذا كنت تتخيل أن ترامب يفكر في نظرية التعريفة الجمركية المثلى، فلدي شهادة من جامعة ترامب قد ترغب في الاطلاع عليها.
على أية حال، انظر كيف استجابت اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري لسؤالٍ سياسي جوهري: من خلال الإصرار ليس فقط على أن كلام القائد العزيز صحيح، بل على أن أي شخص يختلف معه هو جزء من مؤامرة شريرة!
لا ينبغي أن تتجاهل هذا. إنه دليل آخر على أن المروِّجين لشعار «لنجعل أميركا عظيمة مرة أخرى» (أو «ماجا») أصبحوا يمثلون طائفة خطيرة.

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»