بمناسبة يوم البيئة العالمي، وفي لقاء مع مجموعة من العاملين في مجال البيئة والمعنيين بتنفيذ مبادرات وأفكار مبتكرة في مجالات الاستدامة، قال صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، عبر حساب سموه الرسمي على منصة «إكس»: «سعدتُ بلقاء مجموعة من الشباب ورواد الأعمال والقادة في مجال البيئة الذين قدموا مبادرات وأفكاراً رائدة تتسق مع نهج دولة الإمارات في دعم الاستدامة من خلال الابتكار.

وفي (اليوم العالمي للبيئة)، نجدد التأكيد أن حماية كوكب الأرض مسؤولية جماعية في المجتمعات وعلى المستوى العالمي، وسوف تواصل دولة الإمارات التعاون والمشاركة مع جميع الأطراف من أجل مستقبل أفضل لشعوب العالم كافة». والاهتمام بالبيئة ومجالات الحفاظ عليها، ليس جديداً على صاحب السمو رئيس الدولة، فقد برز مبكراً دورُ سُموه الواضح والمؤثر في مجال الحفاظ على البيئة والأنواع الحية والحياة الفطرية، على الرغم من مشاغله الجمة ومسؤولياته الكبرى. وتعد المسائل البيئية واحدة من أهم انشغالات سموه على الصعيدين الرسمي والشخصي، إذ اكتسب ذلك الاهتمام من الوالد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، ومن شغفه بالصقارة والبيئة والصحراء والحياة الفطرية، حيث قام سموه بجهود كبيرة ومستمرة لحماية الصقور وطيور الحبارى وظباء المها العربي داخل دولة الإمارات وخارجها، كما كان له دور مهم ومحوري في تأسيس هيئة البيئة بأبوظبي وفي توسيع نشاطها وتعزيزه. واهتمام صاحب السمو رئيس الدولة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بالبيئة جزء من اهتمام سموه بالاستدامة.

فسموه هو مَن أعلن في يناير 2008 عن منح حكومة أبوظبي 15 مليار دولار لمصلحة مبادرة «مصدر» الرائدة عالمياً في مجال الطاقة البديلة والمتجددة، وهو المطوِّر الأول لهذه المدينة المتكاملة والخالية تماماً من النفايات والانبعاثات الكربونية، والمشجع الأول لمشاريعها في مجال الطاقة الخضراء على الصعيدين الوطني والعالمي. وانطلاقاً من إدراك سموه ضرورةَ التصدي للتحديات التي تواجه جهودَ المحافظةَ على البيئة، جاء تأسيس صندوق متخصص يُعنى بتقديم الدعم لأي مبادرات ذات صلة بالمحافظة على الكائنات الحية، حيث قدّم سموه في مطلع عام 2009 منحةً مالية بقيمة 25 مليون يورو لدعم صندوق محمد بن زايد للمحافظة على الكائنات الحية بغية الاعتناء بمختلف الأنواع المهددة بالانقراض، ولدعم الجهود الدولية المبذولة في سبيل حماية الحياة البرية في أنحاء العالم. وعلى هذا المنوال فقد حُظيت البيئةُ برعاية وعناية كبيرين من سموه، حيث أولى اهتماماً كبيراً لقضايا حماية البيئة وتنميتها وكانت محور اهتمامه، باعتبارها مُلكاً للجيل الحالي وللأجيال اللاحقة أيضاً.

وبفضل توجيهات واهتمامات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، ورؤيته الثاقبة، أصبحت الإمارات من الدول المتميزة والنماذج الواضحة في مجال الحفاظ على البيئة وتنميتها من خلال الدوائر والمؤسسات التي تم إنشاؤها خصيصاً لهذا الغرض الحيوي المهم. ومن ذلك إعادة توطين المها العربي، حيث أصبحت دولة الإمارات موطناً لآلاف من رؤوس المها العربي. وأسهمت هذه المبادرة في تغيير حالة المها العربي على قوائم الاتحاد العالمي للحفاظ على الطبيعة، إذ أصبحت منذ عام 2011 خارج القائمة الحمراء للاتحاد والتي تضم الحيوانات المهددة بالانقراض. وأصبح برنامج محمد بن زايد لإكثار وإعادة توطين المها العربي أحد أنجح برامج المحافظة على الأنواع في العالم، حيث قامت «هيئة البيئة -أبوظبي» بإطلاق المها العربي في العديد من المناطق المحمية داخل الدولة، وفي كل من الأردن وسلطنة عُمان، فتكاثرت ونمت في غضون أعوام قليلة.

ونجحت هيئة البيئة في تحقيق رؤيتها بإيجاد مجموعات طليقة من المها العربي في بيئاته الطبيعية داخل محميات واسعة ضمن المناطق التي كانت تعيش فيها سابقاً، وتكوين قطعان متنامية قادرة على الاعتماد على ذاتها، والتجول بحرية في مواطنها الطبيعية، مما يسهم في المحافظة على البيئة وتنوعها البيولوجي باعتباره إرثاً متأصلاً في تاريخ الإمارات، كما يسهم في تعزيز جهود أبوظبي في مجالات الاستدامة وصون الموارد الطبيعية لتنفيذ الخطط اللازمة لحماية البيئة واستدامتها، فضلاً عن التمكين لاتفاق الإمارات المنبثق عن مؤتمر الأطراف بشأن تغيير المناخ (كوب 28) من أجل مستقبل أفضل لكوكب الأرض.

*كاتب سعودي