في 30 مايو الماضي، وجد 12 محلَّفاً في إحدى محاكم مانهاتن أن دونالد ترامب مذنب في 34 تهمة جنائية تتعلق بتزوير سجلات تجارية في عام 2016 قبل حملته الانتخابية الناجحة حينما هزم هيلاري كلينتون ليصبح رئيساً للولايات المتحدة. الحكم صدر بسرعة، بعد أيام من الدراما المثيرة للجدل في قاعة المحكمة. وكان تصويت هيئة المحلفين بالإجماع على الحكم صادماً لترامب وأنصاره الذين كانوا يأملون أن يجده محلفٌ واحدٌ على الأقل «غير مذنب»، فيتسبب بذلك في إبطال المحاكمة، وهو ما كان سيعتبره ترامب انتصاراً له. 
وبدلاً من ذلك، أثار الحكم على الفور موجةَ غضب بين جميع القادة «الجمهوريين» تقريباً، بمن فيهم أولئك الذين لا يعجبهم ترامب. وأمضى المعلّقون في وسائل الإعلام اليمينية، لا سيما قناة «فوكس نيوز»، ساعاتٍ في انتقد الحكم والمحاكمة والدعوة إلى الانتقام من القاضي والمدعي العام وهيئة المحلفين، مشددين على أنه إذا فاز ترامب في انتخابات الخامس من نوفمبر المقبل، فإن الانتقام من «الديمقراطيين» ينبغي أن يكون إحدى أولوياته.
ومن المرتقب أن تصدر العقوبةُ في حق ترامب في 11 يوليو، أي قبل 4 أيام من انطلاق مؤتمر الحزب الجمهوري في ميلووكي بولاية ويسكونسن. وقد تصل عقوبة ترامب على الجرائم التي أدين بها إلى السجن لمدة ربما تصل إلى 4 سنوات، لكن نظراً لأن هذه أول إدانة له، ونظراً لأنه رئيس سابق يقتضي تنقله وجود حراسة خاصة لحمايته أينما ذهب، فمن المستبعد جداً أن يتم سجنه، رغم أنه قد يواجه قيوداً على تحركاته. ويُتوقع أن تكون هناك ضغوط قوية من أجل ألا يمنعه الحكمُ القضائي من القيام بحملته الانتخابية الرئاسية.
والواقع أنه لا أحدَ يعرف تأثيرَ هذا الحكم على حظوظه الانتخابية. لكن الخبر السار بالنسبة للجمهوريين هو أن جمع التبرعات ازداد منذ صدور حكم الإدانة، وأن حتى خصوم ترامب الجمهوريين يعتقدون أن محاكمته كانت مهزلة قانونية ويجب أن تصحح عند الاستئناف. أما الخبر السيء، فهو أن هناك استطلاعات رأي تشير إلى أن نسبةً صغيرةً من الناخبين الجمهوريين باتوا يقولون الآن إنهم «لن يدعموا مُداناً». وغنيٌ عن البيان أنه في سباق رئاسي متقارب جداً يمكن لبضعة آلاف من الأصوات أن تصنع الفارقَ، وأن أي انخفاض في عدد المؤيدين يُعد مسألة خطيرة.
حملة جو بايدن أيضاً لديها مخاوف قانونية جديدة. فنجله هانتر يُحاكَم حالياً في إحدى محاكم ويلمينجتون بولاية ديلاوير حيث يواجه تهماً جنائيةً تتعلق بحيازة السلاح، إذ يزعم المدّعون أنه كذب بشأن إدمانه على المخدرات حينما تقدّم بطلب الحصول على تصريح لشراء مسدس. وهذه جريمة خطيرة. وحتى الآن، التزم بايدن الصمت بشأن التهم الموجهة لابنه، واكتفى بالقول إنه كأب يحب ابنه وسيدعمه مهما كانت نتيجة المحاكمة. وإذا ثبتت إدانة هانتر، فإنه قد يواجه عقوبة شديدة، لكنه - وعلى غرار ترامب - قد ينجو من السجن نظراً لأن هذه ستكون أول إدانة له ولأنه غير عنيف وكذلك بالنظر إلى اعترافه بأنه مدمن يتعافى من إدمانه.
الكيفية التي سيتعامل بها بايدن وترامب مع هذه المسائل القانونية القضائية في مناظرتهما القادمة في 27 يونيو الجاري من المتوقع أن تحظى باهتمام ومتابعة كبيرين، لكن القضايا الأخرى ستكون أكثر أهميةً بالنسبة للمشاهد العادي. فالأهم هو هل سيبدي أي من المرشحين أمارات واضحة على انعدام الكفاءة أو التشوش وانعدام الاتساق بالنظر إلى سنهما؟ وبالنظر إلى أن أياً من المرشَّحين لن يكون قد حصل بعد على الترشيح الرسمي من حزبه في المؤتمرين الوطنيين، فهل ستكون هناك أي مؤشرات في المناظرة حول قدرتهما على إدارة الاحتياجات والمتطلبات الصارمة للحملة الانتخابية الطويلة التي تنتظرهما؟ هذه العوامل مهمة للغاية، وقد تكون أكثر أهميةً من التجاذبات المعتادة حول الاقتصاد والهجرة والإجهاض والسياسة الخارجية.
وختاماً، فإن بايدن وترامب مرشحان يتمنى الكثير من مؤيديهما لو أنهما لم يترشحَا، ذلك أنهما لا يجلبان الإثارة إلى الحملة الانتخابية كما فعل مرشحون آخرون مثل جون كينيدي ورونالد ريجان وباراك أوباما في الماضي. غير أنه في السياسة، يمكن القول إن الخامس من نوفمبر ما زال بعيداً، وكما هو الحال دائماً، قد تقع أحداث غير متوقعة فتغيّر ديناميات السباق الانتخابي بشكل جذري. 

*مدير البرامج الاستراتيجية بمركز ناشيونال إنترست - واشنطن