وافق جو بايدن ودونالد ترامب على إجراء مناظرتين في موعدين أبكر بكثير من المعتاد، متجاوِزَين «لجنة المناظرات الرئاسية» التي اعتادت في الماضي أن تنظّم ثلاث مناظرات خلال الأسابيع الأخيرة من الحملة الانتخابية. المناظرة الأولى ستعقد في 27 يونيو بمقر شبكة «سي إن إن» في أتلانتا، بولاية جورجيا. أما المناظرة الثانية التي تستضيفها قناة «إي بي سي نيوز»، فستقام يوم 10 سبتمبر في مدينة نيويورك. ووفقاً للقواعد الجديدة، لن يكون هناك حضور مباشر للجمهور، وبالتالي لن يكون هناك أي شيء من الضوضاء والصخب المعتادين في مثل هذه الحالة. أحد الأسباب التي سيقت لتفسير قرار إجراء المناظرات في وقت أبكر بكثير من موعدها المعتاد، هو أن عدداً متزايداً من الأميركيين باتوا يستفيدون الآن من قواعد التصويت المبكر في ولاياتهم، وبالتالي سيكونون قد أدلوا بأصواتهم بحلول الوقت الذي تُجرى فيه مناظرات الخريف التقليدية. بيد أن السؤال الكبير الآن هو ما إن كان أحد مرشحي الحزب الثالث العديدين سيتأهل للمشاركة إلى جانب بايدن وترامب في مناظرتي يونيو وسبتمبر.

في الوقت الراهن، الشخص الأكثر احتمالاً للتأهل هو روبرت إف كينيدي الابن، ابن شقيق الرئيس جون إف كينيدي وابن روبرت إف كينيدي الذي اغتيل في 1968 عندما كان مرشحاً للتنافس باسم الحزب الديمقراطي في السباق إلى البيت الأبيض. روبرت إف كينيدي الابن سيخوض هذه الانتخابات كمستقل، ووفقاً لشبكة «سي إن إن» فإن «عليه أن يحصل على نسبة 15 في المئة على الأقل من الدعم في أربعة استطلاعات رأي وطنية ويضمن الوصول إلى ورقة الاقتراع في عدد كاف من الولايات حتى تكون لديه فرصة للفوز بـ 270 صوتاً انتخابياً». وقد لا يتمكن من بلوغ هذه الأهداف بحلول يونيو، لكنه قد يصبح مؤهلاً للمشاركة في مناظرة سبتمبر. روبرت إف كينيدي الابن يدافع عن تعظيم الحقوق الفردية وتقليل دور الدولة، وله آراء متطرفة بخصوص بعض القضايا الرئيسية مثل التطعيمات والسياسة الخارجية والإجهاض. وقد انتقد بشدة كلاً من ترامب وبايدن بسبب طريقة تعاملهما مع جائحة «كوفيد- 19»، كما أيّد نظريات المؤامرة حول مخاطر التطعيمات واتهم الحكومة الفيدرالية بإجبار الناس على تلقي التطعيم. وهنا، يمكنه أن يستقطب أصواتاً مِن اليمين ومن اليسار على حد سواء.

ولهذا السبب، لا يريد بايدن ولا ترامب رؤيتَه في المناظرات. كما تُعد آراؤه بخصوص أوكرانيا وغزة مثيرة للجدل بالقدر نفسه. فقد حمّل بايدن والغربَ مسؤوليةَ العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا. ويُعد من أكبر مؤيدي إسرائيل، بالتالي فإنه قد لا يفوز بأصوات عربية أميركية كثيرة. ورغم مواقفه المثيرة للجدل، فإن روبرت إف كينيدي الابن سيضفي بكل تأكيد نوعاً من الحماس والإثارة على المناظرات. فمعظم الأميركيين ما زالوا يتذكرون باستياء المناظرات بين بايدن وترامب عام 2020 والتي اتسمت بالصراخ في وجه بعضهما البعض وتجاهل القواعد التي وضعها القائمون على المناظرة. وكانت آخر مرة ظهر فيها مرشح من حزب ثالث على منصة المناظرة في عام 1992، عندما تواجه رجل الأعمال من ولاية تكساس روس بيرو مع المرشح «الجمهوري» والرئيس المنتهية ولايته جورج بوش الأب ومنافسه «الديمقراطي» بيل كلينتون. حينها، ترك بيرو انطباعاً قوياً لدى الناخبين الأميركيين وفاز بأكثر من 20 مليون صوت في الانتخابات العامة.

لكن هامش فوز بيل كلينتون كان كبيراً لدرجة أن ترشيح بيرو لم يُحدث فارقاً كبيراً في المجمع الانتخابي الذي منح كلينتون 370 صوتاً، أي أكثر بمئة صوت من العدد المطلوب للفوز برئاسة البيت الأبيض. اليوم، ما زالت تفصلنا أكثر من خمسة أشهر عن موعد الانتخابات الأميركية، وخلال هذه المدة قد تقع أحداث كثيرة تغيّر ديناميات السباق الانتخابي، لا سيما بعد أن صدر حكم الإدانة ضد ترامب في محاكمته الجارية في نيويورك، وذلك بتأكيد تهمة الاحتيال المالي خلال حملة 2016 الانتخابية. فإلى أي حد سيؤثّر الحكم على الناخبين؟

*مدير البرامج الاستراتيجية بمركز ناشيونال إنترست - واشنطن