منذ عام 1980 وحتى الآن، أي لأكثر من أربعة عقود، ظلت العلاقات بين دولة الإمارات وجمهورية كوريا تتقدم وترتقي نحو مستويات أرفع وأوسع في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والتكنولوجية وغيرها من المجالات المستقبلية.
تتميز دبلوماسية دولة الإمارات بسرعة التحرك، سياسياً واقتصادياً، بما يتناسب ورؤيتها الاستراتيجية وحرصها على تنمية المصالح المشتركة في إطار علاقاتها الخارجية الواسعة، لذا فقد ارتقت بمستوى هذه العلاقات واسعة النطاق مع دول العالم كافة، ومن أهمها جمهورية كوريا.
منذ الحظة الأولى لبناء صرح العلاقة المتينة مع جمهورية كوريا في مطلع الثمانينيات وحتى هذا اليوم، تشهد هذه العلاقةُ استدامةَ بِناء لصالح الدولتين الصديقتين؛ من تصدير للنفط الخام بشكل منتظم إلى كوريا وجذبٍ للطاقة النووية السلمية للإمارات في مشروع «براكة» الذي بدأ بأربع محطات ناجحة ستتلوها أُخريات تجسيداً لرؤية مئوية الإمارات.
لذا فقد ارتقت العلاقة الثنائية بين البلدين من مرحلتها الأولى في عام 1980 إلى «شراكة استراتيجية» في عام 2009، ثم إلى «شراكة استراتيجية خاصة» في عام 2018، إلى أن خرجت لنطاق أوسع بكل المقاييس وفي كل مجالات التعاون المتاحة.
دولة الإمارات وجمهورية كوريا نموذجان ملهمان، لأنهما صناعة ذاتية ونشأة تاريخية معاصرة مبهرة، كما تعتبران معجزتين خطفتا أبصارَ العالم بما حققته كل منهما من إنجازات تعد فريدةً من نوعها.
لقد انطلقت الإمارات بفضل الرؤية الحضارية للمؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، من قلب الصحراء إلى فضاء العالم اللامحدود، عندما كانت يده في ماء أفلاج العين عام 1946 وعينه في آفاق العالَم وحضاراته من حوله، لعله يبلغ عنان سمائها قريباً. وفي غضون أعوام قليلة أسس دولةً اتحادية تتحدث عنها الركبان في سائر أنحاء المعمورة.
أما المعجزة الكورية فبانت بوادرها بعد الحرب العالمية الثانية، وفي عام 1952 بدأت تصبح جمهورية كوريا في مصاف الدول الصناعية الكبرى، بمحاذاة اليابان وغيرها من البلدان التي قفزت نحو التقدم الصناعي والاقتصادي.
وإذا ما وصلنا إلى لغة أرقام المال والأعمال والتجارة والاقتصاد، وهي تدل بقوة على الحراك الوثيق بين البلدين، فسنجد أن حجم التجارة غير النفطية بينهما بلغ خلال الفترة الممتدة من عام 2014 وحتى نهاية عام 2023 نحو 256.6 مليار درهم، وفقاً لبيانات المركز الاتحادي للتنافسية والإحصاء. وتعزيزاً لهذا التعاون أعلنت دولة الإمارات خطة لاستثمار 30 مليار دولار في جمهورية كوريا، خلال المرحلة المقبلة، في قطاعات مرتبطة بالطاقة المتجددة والتكنولوجيا المتقدمة، وغيرها من قطاعات الاقتصاد الجديد، بينما وصل حجم الاستثمارات الكورية في الإمارات مطلع عام 2021 نحو 2.2 مليار دولار.
وبسبب التوسع في المشروعات المشتركة، ارتفع عدد الشركات الكورية التي تعمل في الإمارات إلى أكثر من 200 شركة عاملة.
أما عمق العلاقة على مستوى القيادة، فيترجمه قيام صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في الفترة بين يونيو 2006 وفبراير 2019 بخمس زيارات دولة لجمهورية كوريا، وها هو سموه يؤدي زيارتَه السادسة لها.
أما الجانب الكوري فقد أدى خلال الفترة بين عامي 2006 و2018 ثماني زيارات رئاسية لدولة الإمارات.

*كاتب إماراتي