تنعقد القمة العربية في المنامة، اليوم الخميس، وسط ظروف استثنائية بكل المقاييس، لاسيما بالنظر إلى ما يجري في فلسطين من أحداث أمام العالم أجمع. وهنا يصبح السؤال: ما الذي يمكن للقمة أن تقدمه من أجل وقف إطلاق النار وإنهاء الأعمال التي تقوم بها إسرائيل في قطاع غزة؟
لا يبدو أن إسرائيل مكترثة بالعالم، ولا يبدو أن العالم مستعد للضغط عليها بغية إيقاف الحرب التي فعلت بحق المدنيين في قطاع غزة، وتفعل بحقهم الكثير مما يعد تجاوزاً للخطوط الحمراء عالمياً. 

لا يختلف اثنان على أن «غزة» هي الحاضرة بقوة في هذه القمة، على الرغم من وجود ملفات عديدة أخرى ما تزال معلقة منذ سنوات عدة، وعلى رأسها أزمات اليمن والسودان وليبيا والصومال وسوريا ولبنان والعراق.
لكن فلسطين عادت إلى موقع المركز بالنسبة للعرب، ومعهم المسلمون إضافة إلى المنصفين من الغرب. الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة جعلت من القضية الفلسطينية مجدداً أحد البنود الرئيسة على جدول أعمال القمم العربية، وهو ما أكده الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط عبر تصريحات قال فيها إن القضية الفلسطينية مطروحة على كل اجتماعات الجامعة العربية، وإنه تتم مناقشتها من قِبل العديد من الدول العربية. وقد عبّر عن تلك الأهمية أيضاً السفير حسام زكى، الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، عندما أشار إلى أن اجتماع مجلس الجامعة تطرق إلى تداعيات استمرار الحرب في غزة واستمع إلى إحاطة معمقة حول حالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة. 
وهكذا فإن ملف الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، والتهديد الإسرائيلي بالاجتياح البري لمدينة رفح الفلسطينية، يتطلب من القمة العربية في المنامة قدراً مناسباً من تنسيق المواقف بغية التوصل إلى موقف عربي موحد يضغط لوقف إطلاق النار، وذلك بالتنسيق أيضاً مع القوى الدولية الكبرى وفى مقدمتها الولايات المتحدة الأميركية التي ما تزال ترفض، وفق تصريحات مسؤوليها، أي اجتياح بري لمدينة رفح من دون الأخذ في الاعتبار حالة المدنيين الموجودين داخلها. وبالإضافة إلى ذلك فإن قضية المساعدات الإنسانية وتنظيم دخولها إلى قطاع غزة الذي يعاني وضعاً كارثياً، تمثل هي كذلك أحد الملفات المطروحة. 
وهناك أمر في غاية الأهمية، يتعلق بتجديد أدوات الجامعة العربية، بحيث تمارس دورها المستقبلي بشكل أفضل، وهو تحدٍ لا بد من التعامل معه بحكمة واقتدار، لأن ظروف نشأة الجامعة تختلف عن الظروف التي تواجهها اليوم على كل المستويات، وخاصة من الناحية الإقليمية حيث يقوم بعضهم بتدخلات في عمق الشؤون الداخلية للعالم العربي، محاولين وضع مفاتيح حل القضية الفلسطينية بأيديهم، سعياً لسحب البساط من تحت أقدام أصحابها الحقيقيين. 
ويشكّل التصعيد الإسرائيلي ترجمة لسياسة الحكومة الأشد يمينية في تاريخ إسرائيل، برئاسة نتنياهو، وما تتبناه من مشروعات تسعى للتوسع الاستيطاني وللضغط على الفلسطينيين بغية تهجيرهم مرة أخرى من أراضيهم كما يحدث في قطاع غزة، ولزيادة الاستيطان كما يحدث في الضفة الغربية. 
أما المشاريع الإقليمية الأخرى غير العربية فتتجلى في تلك الأذرع العسكرية والحزبية التي تسبب الاضطراب داخل العديد من الدول العربية وتحول من دون الحفاظ على وحدة وتماسك هذه الدول، وتجعل قرارَها الوطني رهناً بتجاذبات خارجية.

*كاتب إماراتي