يعكس شهر رمضان المبارك الذي حل يوم الاثنين الماضي القيم والمبادئ الأصيلة المتجذرة في مجتمع دولة الإمارات مثل العطاء والكرم وحب الخير والتكافل، ولمجتمع دولة الإمارات عاداته الراسخة في هذا الشهر المبارك، التي تعكس التعاضد المجتمعي، وهو ما يتجلى في التبادل المكثف للتهاني والزيارات العائلية، على النحو الذي يضفي على الشهر المبارك المشاعر الروحانية الصافية.
وفي الواقع، فإن التقاليد التاريخية والتراثية لاستقبال دولة الإمارات للشهر المبارك، تبدأ قبل قدومه، من خلال فعاليات ومظاهر عدة، منها «حق الليلة»، وهي احتفالية تراثية سنوية تقام منتصف شهر شعبان، وتهدف إلى زرع البهجة والفرح والتراحم والتعاون في قلوب الأطفال. ولشهر رمضان مظاهره المتميزة في دولة الإمارات، ومنها مدفع رمضان الذي يمكن أن يُسمع صوته على بعد حوالي 8-10 كيلومترات، كما تعتبر الخيام الرمضانية جزءاً أصيلاً من التقاليد المميزة خلال الشهر المبارك، وهي تُجسد روح التواصل والمشاركة الإنسانية.
ويشهد شهر رمضان في دولة الإمارات إقامة العديد من الفعاليات الثقافية والروحانية التي تنبض بالحياة، وتجسد قيم التماسك المجتمعي ومدى احتفاء الدولة بالشهر المبارك، ومنها: شهر رمضان المبارك في جامع الشيخ زايد الكبير، ومحاضرات مجلس محمد بن زايد الرمضاني، وبرنامج أصحاب الفضيلة العلماء ضيوف صاحب السمو رئيس الدولة. وفي بداية الشهر المبارك بارك صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، لشعب دولة الإمارات، والشعوب العربية والإسلامية، بمناسبة حلول هذا الشهر، حيث قال سموه: «أبارك لشعب الإمارات والشعوب العربية والإسلامية بمناسبة قدوم شهر الخير والرحمة والعطاء، شهر رمضان المبارك، داعياً الله تعالى أن يكون شهر سلام واستقرار ومحبة في العالم أجمع»، ولعل مباركة سموه، التي جاءت عبر منصة «إكس»، خير تعبير على النظرة الإماراتية لشهر رمضان المبارك، والخصوصية التي يتحلى بها هذا الشهر في دولة الإمارات. وعلى نحو ما جرت عليه العادة، استقبل صاحب السمو رئيس الدولة، حفظه الله، إخوانه أصحاب السمو أعضاء المجلس الأعلى للاتحاد حكام الإمارات وسمو أولياء العهود ونواب الحكام، وتم ذلك في «قصر الوطن» بأبوظبي، وقد تخلل هذا الاستقبال مأدبة إفطار أقامها سموه تكريماً لأصحاب السمو حكام الإمارات وسمو أولياء العهود ونواب الحكام والضيوف.
ولأن رمضان هو شهر الخير، ويجسد الوجه الإنساني الراسخ لدولة الإمارات، فقد جاء توجيه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، «مجلس الشؤون الإنسانية الدولية» بتكثيف المساعدات الإنسانية لدعم الشعب الفلسطيني الشقيق في قطاع غزة خلال شهر رمضان المبارك، ولعل ذلك يأتي تجسيداً لالتزام دولة الإمارات المستمر بالتضامن مع الشعب الفلسطيني الشقيق.
وفي ظل ما يتميز به شهر رمضان كشهر للإحسان، والتكافل الاجتماعي، تنشط المؤسسات الخيرية في القيام بأعمال الخير، حيث بدأت «مؤسسة زايد للأعمال الخيرية والإنسانية»، تنفيذ برامجها الرمضانية داخل الدولة وخارجها اعتباراً من اليوم الأول من الشهر والتي تستمر حتى نهايته، وتنقسم هذه البرامج إلى 4 برامج، هي المير الرمضاني، وإفطار صائم داخل الدولة، وإفطار صائم خارج الدولة، وبرنامج كسر الصيام، ويتخطى عدد المستفيدين من إجمالي البرامج نحو 600 ألف مستفيد. وفي سياق متصل، تواصل «هيئة الهلال الأحمر الإماراتي»، منذ بداية الشهر الفضيل، توزيع المير الرمضاني على الأسر المتعففة في عدد من دول العالم، وللهيئة نشاطها الكبير داخل الدولة، حيث سيستفيد من برامج حملة رمضان التي تنفذها مليون و71 ألفاً و540 شخصاً، بقيمة 14 مليوناً و700 ألف درهم. إن شهر رمضان وفي الوقت الذي يعكس فيه تجذر قيم حب الخير والتكافل المجتمعي داخل الدولة، فإن يعكس الوجه الإنساني للإمارات على الصعيد الخارجي، وبالإضافة إلى ذلك يمثل الشهر الفضيل فرصة لتعزيز الهوية الوطنية من خلال التأكيد على القيم الإسلامية والعربية الأصيلة الخاصة بدولة الإمارات.
*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.