«محطة فوستوك» وبطيخ القطب الجنوبي
في معهد أبحاث «محطة فوستوك» بالقارة القطبية الجنوبية، تكون درجات الحرارة منخفضة للغاية في شهر يوليو، بينما يعم الظلام الدائم، إلى جانب مصادر الازعاج الأخرى لشتاء القطب الجنوبي. لكن هذا الشتاء جلب للعلماء الروس الذين يعيشون في المحطة هدية خاصة: نما البطيخ هناك كجزء من التجارب الزراعية الجارية.
فقد قال باحثون زراعيون روس إنهم نجحوا في زراعة ثماني ثمار بطيخ في صوبة زراعية بالمحطة كجزء من مبادرة أوسع لزراعة النباتات في المحطات القطبية الروسية. تهدف التجارب أيضاً إلى اختبار إمكانات الإنتاج الزراعي في مواقع مستقبلية.
وعلى بعد أقل من 1000 ميل من القطب الجنوبي، تقع محطة الأبحاث على تضاريس شديدة البرودة كانت في عام 1983 موطناً لدرجة حرارة هواء الأرض المنخفضة، والتي وصلت إلى (-128.6)درجة فهرنهايت (-53) درجة مئوية. ومع ذلك، نجح الباحثون بالفعل في زراعة الطماطم والفلفل والأعشاب في بيوت زجاجية (صوبات) خاصة.
وتمت زراعة البطيخ من دون تربة، ونما باستخدام مزيج من بدائل التربة والأسمدة والإضاءة الخاصة. ونظراً لعدم وجود النحل والملقحات الأخرى، قام العلماء بتلقيح النباتات يدوياً.
وفي التجربة التي أجراها العلماء، اختاروا نوعين من البطيخ يتميزان بقدرتهما على التكيف مع الضغط الجوي المنخفض، ونقص الأكسجين، وزُرعت البذور في طبقة رقيقة من بديل التربة، وتعرضت لإضاءة خاصة تحاكي أشعة الشمس.
ونجحت التجربة: بعد زراعة بذور البطيخ في أوائل أبريل الماضي وتلقيحها في أواخر مايو، نمت الثمار الأولى بحلول شهر يوليو المنصرم.
وهذه التجربة لم تكن ناجحة فقط في إثبات أن البطيخ يمكن زراعته في أبرد مكان على سطح الأرض، ولكنها قدمت وجبة خفيفة مثيرة للعلماء الذين يعيشون في الظروف القاسية.
وقال أندريه تيبلياكوف، الجيوفيزيائي في «معهد أبحاث القطب الشمالي والقطب الجنوبي»، الذي يدير محطة «فوستوك»، في بيان صحفي، إن «طعم ورائحة البطيخ ليست أسوأ من تلك التي يتصف بها البطيخ المحلي». وقد حصد الباحثون ثماني فواكه يصل قطرها إلى 5.11 بوصة، وزن أثقلها حوالي 2.2 رطل. وأضاف تيبلياكوف: «بطبيعة الحال، كان جميع المستكشفين القطبيين سعداء بتذكر طعم الصيف. حتى ملاحظة الشتلات ونموها وظهورها وزيادة عددها كانت مصدر لمشاعر إيجابية».
وبعد ذلك، قال الباحثون إنهم سيحاولون زراعة محاصيل أخرى، بما في ذلك التوت والخيار. وهذه ليست المرة الأولى لهذه المحطة في زراعة النباتات، ففي عام 2020 تمكن العلماء من زراعة نباتات متنوعة مثل الشبت، والريحان، والبقدونس، والجرجير، والكرنب، ويخطط الآن العلماء الروس في توسيع محاولاتهم الزراعية لتشمل مجموعة متنوعة من الفواكه مثل التوت الأسود والأزرق والفراولة.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست لايسينج آند سينديكيشن»