من المتوقع أن تواجه سواحل الولايات المتحدة ارتفاعاً بنحو قدم في منسوب البحار على مدى العقود الثلاثة المقبلة، مما يزيد من خطر الفيضانات والتعرية على المجتمعات الساحلية في جميع أنحاء البلاد، وفقاً لتقرير صدر الأسبوع الماضي عن الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي (NOAA).

أدى تغير المناخ الذي يتسبب فيه الإنسان، والذي يعود في الغالب إلى حرق الوقود الأحفوري، إلى تسريع ارتفاع مستوى سطح البحر على مستوى العالم إلى أسرع معدل منذ أكثر من 3000 عام. يتنبأ التقرير الصادر عن NOAA والوكالات الفيدرالية الأخرى أن مستويات المحيطات على طول سواحل الولايات المتحدة ستزيد بهذا القدر بحلول عام 2050 كما حدث خلال القرن الماضي. وقالت NOAA إن هذه الكمية من المياه التي تضرب السواحل «ستخلق زيادة عميقة في وتيرة الفيضانات الساحلية، حتى في حالة عدم وجود عواصف أو هطول أمطار غزيرة». قال ويليام سويت، عالِم المحيطات والمتخصص في ارتفاع مستوى سطح البحر: «نحن للأسف نتجه نحو تحول في نظام الفيضان. ستغمر المياه الشوارع ما لم يتم اتخاذ إجراءات في المزيد والمزيد من المجتمعات».

استناداً إلى البيانات من مقاييس المد والجزر وصور الأقمار الاصطناعية، وكذلك النماذج المتطورة من أحدث تقرير للأمم المتحدة حول تغير المناخ، يقدم تحليل NOAA توقعات حول ارتفاع مستوى سطح البحر في جميع الولايات والأقاليم الأميركية في كل عقد من الزمان على مدى المئة عام القادمة.وأوضح سويت أنه حتى لو اتخذ العالم إجراءات سريعة للحد من انبعاثات الكربون، فإن مسار ارتفاع مستوى سطح البحر «قد تم تحديده إلى حد ما خلال الثلاثين عاما القادمة».

قالت كريستينا دال، عالِمة المناخ الرئيسية في اتحاد العلماء المعنيين، إن الأبحاث التي أجرتها وزملاؤها تشير إلى أن ارتفاع مستوى سطح البحر من 10 إلى 12 بوصة بحلول عام 2050 سيعرض ما يقرب من 140 ألف منزل لخطر «الفيضان المزمن» أو حدوث فيضان كل أسبوعين في المتوسط. وأضافت أن فيضانات المد العالي في أماكن مثل تشارلستون، ساوث كارولينا، تضاعفت بالفعل أربع مرات منذ السبعينيات. كما عانت مناطق أخرى، من لويزيانا إلى نيو جيرسي إلى الساحل الشرقي لماريلاند، من الفيضانات التي أصبحت أكثر شيوعا وتكلفة. وأكدت أنه يتعين على هذه المناطق اتخاذ قرارات صعبة أو استثمارات كبيرة لمواجهة الفيضانات التي تشهدها. وقالت إنه بينما تجنبت المجتمعات الساحلية الأخرى التأثيرات، الكبيرة،«سيتعين عليها البدء في التعامل مع نفس النوع من القضايا.

وبالنظر إلى نهاية القرن، فإن كمية التلوث الناتج عن ارتفاع درجة حرارة الكوكب التي يطلقها الناس في الغلاف الجوي يمكن أن تعني الفرق بين مستويات سطح البحر التي تستقر عند حوالي قدمين فوق المتوسط التاريخي أو ترتفع بمقدار ثمانية أقدام تقريبا، وفقا لتقارير NOAA. وقال ريك سبيراد، مدير NOAA للصحفيين:«هذا التقرير هو بمثابة جرس إنذار للولايات المتحدة، لكنه ينطوي على جانب إيجابي، حيث أنه يوفر لنا المعلومات اللازمة للعمل الآن لنكون في أفضل وضع في المستقبل».

في السنوات الماضية، كانت العواصف القوية التي دفعت المياه إلى الشواطئ هي الدافع الرئيسي للفيضانات على طول السواحل. ولكن مع ارتفاع منسوب مياه البحار إلى مستوى المد المرتفع، تعاني المجتمعات من ساحل الخليج وشمال غرب المحيط الهادئ إلى شواطئ هاواي والجزر الحاجزة في نورث كارولينا بشكل متزايد من فيضانات «اليوم المشمس»، عندما تتصاعد فقاعات المياه المالحة من مصارف العواصف وتتناثر في الشوارع من دون قطرة مطر. أوضح تقرير صدر العام الماضي وأعده «سويت» وزملاؤه في مؤسسة خدمة المحيطات أن السواحل الأميركية تعاني من فيضانات أعلى بمقدار الضعف عما كانت عليه قبل 20 عاما فقط. واكتشف تقرير NOAA أنه بحلول منتصف القرن قد تحدث أحداث المد والجزر الطفيفة أكثر من 10 مرات في السنة. ويمكن أن يحدث المد والجزر بشكل أكثر قوة وتدميرا مرتين كل عقد.

قال سويت:«ما نحاول إيصاله للناس هو أن هذه تأثيرات واقعية ستؤثر على اتخاذ قراراتهم اليومية». حذر العلماء من أن المجتمعات الساحلية يجب أن تبدأ التخطيط لحدوث فيضانات بشكل منتظم، خاصة في الأماكن التي تؤدي فيها التنمية الساحلية وغرق الأراضي إلى تفاقم مخاطر ارتفاع مستوى سطح البحر. وقد تكون هناك حاجة إلى تحديث أنظمة العواصف والمياه العادمة للتعامل مع تدفق مياه البحر. قد تضطر المنازل والبنية التحتية المهمة الواقعة داخل الحدود العليا الجديدة لارتفاع المد والجزر إلى الانتقال من مكانها. وقد تتجاوز العواقب الفيضانات. تهدد المياه المالحة بالتسلل إلى طبقات المياه الجوفية الساحلية، مما يؤثر على جودة المياه ويعقم الحقول الزراعية.

لن تتمكن أنظمة الصرف الصحي المستخدمة في العديد من المجتمعات الساحلية من التعامل مع النفايات بأمان مع ارتفاع منسوب المياه. قالت نيكول ليبوف، مديرة خدمة المحيطات الوطنية في NOAA، إن الموانئ قد تتعرض لأضرار جسيمة - مما يؤدي إلى تعطيل سلاسل التوريد ورفع التكاليف حتى بالنسبة للأشخاص الذين يعيشون على بعد مئات الأميال من السواحل. بينما يوضح التقرير أن قدراً معيناً من ارتفاع مستوى سطح البحر مضمون، بناء على انبعاثات العالم السابقة، قالت «دال»: إن الواقع يؤكد فقط على أهمية الحد من تلوث غازات الاحتباس الحراري. وأضافت:«هذا العقد الذي نحن فيه الآن هو واحد من أكثر العقود ذات الأهمية بالنسبة لمستقبل مناخنا».

هذا لأنه فقط من خلال العمل بسرعة لتقليل الانبعاثات العالمية، يمكن للعالم أن يحد من ارتفاع درجة حرارة الأرض إلى 1.5 درجة مئوية مقارنة بمستويات ما قبل الصناعة - وهو الهدف الأكثر طموحا لاتفاقية باريس للمناخ. وقالت: إنه إذا فشلت الدول في تحقيق هذا الهدف، فإن ذلك يخاطر بزعزعة استقرار الغطاء الجليدي في القطب الجنوبي وخلق ظروف لارتفاع منسوب مياه البحر بكميات كارثية في المستقبل. توصلت التقارير إلى أنه إذا تجاوز الاحترار درجتين مئويتين فوق مستويات ما قبل الصناعة، فهناك احتمال بنسبة 50% على الأقل لارتفاع مستوى سطح البحر بما يتجاوز 1.6 قدم في المتوسط على مستوى العالم بحلول عام 2100. مع ارتفاع درجات الحرارة من 3 إلى 5 درجات مئوية، فإن هذا الاحتمال قد يتراوح من 80 – 99%. سيكون ارتفاع مستوى سطح البحر في الولايات المتحدة قريبا من المتوسط العالمي أو أعلى منه.

سارة كابلان*

* صحفية متخصصة في قضايا الاحترار العالمي.

برادي دينيس**

**صحفية حائزة جائزة بوليتزر تركز على البيئة والصحة العامة.

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»