بعد عشرة أشهر من توقيع اتفاقيات السلام الإبراهيمية، افتتحت دولة الإمارات سفارتها في تل أبيب يوم 14 يوليو بحضور الرئيس الإسرائيلي، إسحاق هرتسوغ، والسفير الإماراتي، محمد آل خاجة، ووزيرة الدولة الإماراتية للأمن الغذائي والمائي مريم المهيري.
وقد جاء هذا الحدث الرسمي بعد أن دشن وزير الخارجية الإسرائيلي، يائير لابيد، في أبوظبي أول سفارة إسرائيلية بدول الخليج في نهاية الشهر الماضي وكذلك تم افتتاح القنصلية الإسرائيلية في إمارة دبي.
فالمتتبع لخطابات المسؤولين يدرك أن الحدث ليس مجرد مقر للدبلوماسيين ولكنه تجسيد لرؤى السلام والأمن والازدهار، وتأكيد نموذج مختلف لحل النزاعات. فما جاء في خطاب «آل خاجة» مضمونه أنه مهما جاء في الاتفاقيات بين الدولتين من تعاون في مجالات عدة، فإن المفتاح الرئيسي للازدهار هو الفكر والروح البشرية التي تود السلام والمنطق وقد تجسد ذلك عندما قال: «حان الوقت لنهج وتفكير جديدين لتحديد مسار أفضل لمستقبل المنطقة.. نأمل أن يشكل افتتاح السفارة محطة فارقة بين بلدينا وشعبينا». وقد أكد على ذلك الرئيس الإسرائيلي أن «السلام لا يُولد في المؤتمرات بل في قلوب الناس».
ومن جهتها علقت معالي مريم المهيري، قائلة: «هذه حقبة جديدة من التطور والازدهار لبلدينا.. إن افتتاح السفارة يمثل علامة فارقة وسيسهل تبادل المعارف والخبرات عبر مختلف القطاعات الحيوية ونتطلع إلى تعزيز التعاون بما يسهم في تحقيق رؤيتنا».
منذ زيارة وزير الخارجية الإسرائيلي إلى الإمارات تم تسليط الضوء على أهمية أن السلام الإماراتي- الإسرائيلي هو أكثر من مجرد اتفاق، بل طريقة وأسلوب مختلف للسلام، فالاستراتيجيات السابقة في المنطقة كانت على أساس أنه لن يكون تطبيعاً بين الشعوب من دون حل للقضية الفلسطينية لكن لم يؤدِ ذلك إلى الحل بل زاد الأمر تعقيداً، لذلك تم التفكير باستراتيجية مختلفة وهو أن السلام الدافئ بين الشعوب إضافة إلى العلاقات الدبلوماسية قد يكون حلا للنزاعات المعقدة.
فمن البديهي عندما يستمر صراعاً لعقود طويلة من دون حل لابد من التفكير بشكل مختلف ومبتكر. وهذا ما وضحه المقال المشترك لوزيري الخارجية الإماراتي والإسرائيلي والذي نشرته صحيفة «يديعوت أحرونوت» باللغة العبرية بتاريخ 1 يوليو تحت عنوان «اخترنا بشكل مختلف».
لقد أوضح المقال أن العلاقات الدبلوماسية بين الإمارات وإسرائيل تجسد نموذجاً جديداً للمنطقة لتحقيق السلام والاستقرار والأمن والازدهار، وأن أهم ركائز السلام الأساسية هي محاربة الكراهية والعنف والتطرف في المنطقة، ولتحقيق ذلك لا بد من سلام بين الشعوب للتغلب على القوى التي تحاول تقويض السلام والاستقرار.
في حين أن الاتفاقيات الإبراهيمية هي الأولى من نوعها في منطقتنا، إلا أنه يؤمل أن تكون وسيلة لتنحية الخلافات وتفعيل لغة الحوار، فالقرارات الأكثر تأثيراً في بعض الأحيان هي تلك التي يعتقد أنها صعبة أو غير المعتاد عليه.
* باحثة سعودية في الإعلام السياسي