في الوقت الذي يستعد فيه المرشد الإيراني، علي خامنئي لرفع الستار عن استعراضه الديمقراطي، يشعر خامنئي بالقلق على يبدو من مدى مشاركة الناخبين الإيرانيين. فبعد أن قامر في تشكيل فريق العرض، يقوم حالياً بتعديلات اللحظة الأخيرة لجذب الجمهور. فقد أعلن التلفزيون الإيراني الرسمي في الأيام القليلة الماضية تعديلاً في مواعيد المناظرات الثلاث السابقة على الانتخابات الرئاسية التي تُعقد في 18 يونيو. والسبب أن المواعيد الأصلية للمناظرات تضاربت مع مواعيد مباريات المنتخب القومي الإيراني لكرة القدم في جولات التأهيل لكأس العالم.
والنظام في طهران يشعر بالقلق من احتمال أن يشاهد الإيرانيون مباراة فريقهم القومي أمام هونج كونج والبحرين وكمبوديا ولا يقبل على مشاهدة مناظرات سياسية أقل تنافسية تم فيها إعداد الملعب ليحابي مرشح خامنئي المفضل. ويتوقع أن يفوز رجل الدين المحافظ المتشدد إبراهيم رئيسي، الرئيس الحالي للسلطة القضائية، بسهولة بعد عدم تأهل أقرب منافسيه في السباق. وعلى خلاف المنتخب القومي الإيراني لكرة القدم، يفتقر رئيسي تماماً للمهارة أو الجاذبية الشخصية. فهو مدين في مسار حياته لرعاية خامنئي. والمنافسون الستة الآخرون في الانتخابات الرئاسية أقل جاذبية ولا يتوقع أن يضيفوا الكثير للسباق.
ولا غرابة في أن تشير استطلاعات الرأي إلى أن المشاركة ستكون الأدنى في تاريخ إيران، لأنه لم يظهر إلا ثلث الناخبين أي درجة من الحماس للعملية الانتخابية. وهناك دعوات متصاعدة لمقاطعة الاقتراع. وهذا مصدر قلق للنظام الحاكم الذي يستخدم مستوى الإقبال على التصويت باعتباره معياراً لشرعية الجمهورية الإسلامية وبالتالي لشرعية خامنئي نفسه. المرشد الأعلى يتدخل ليرجح كفة من يريد. ويتم هذا عادة بحصر المنافسة على مرشحين يحظون بتأييده بينما يتم رفض تأهل الباقين من «مجلس صيانة الدستور»، الذي يشرف على العملية. وخامنئي يشجع الناس على التصويت مناشداً وطنيتهم، ثم يشير إلى نسبة المشاركة؛ وليس النتيجة؛ باعتبارها دليلاً على استمرار دعم الإيرانيين للنظام الحاكم الذي يترأسه.
وسيكون من الصعب الدفع بهذا الإدعاء إذا انخفضت نسبة المشاركة في الانتخابات عن 50%. وهذا حدث في الآونة الأخيرة في الانتخابات المحلية العام الماضي، لكنه لم يحدث من قبل قط في انتخابات رئاسية. فهل يحتمل أن يصدر خامنئي أوامر بتعبئة صناديق الاقتراع بأوراق زائفة ليدعم أرقام المشاركة؟ لكن تذكروا أن ملايين الإيرانيين نزلوا إلى الشوارع وشاركوا في احتجاجات بعد انتخابات 2009 لأنهم اقتنعوا أن المرشد الأعلى تلاعب في التصويت ليضمن فترة ولاية ثانية للرئيس محمود أحمدي نجاد. وقوات الأمن استهدفت عشرات المحتجين واعتقلت الآلاف في حملة مشددة ضد الاحتجاجات. وحدوث اضطرابات مشابهة هذا الصيف سيقوض فحسب مزاعم النظام بشأن المشروعية.
وهذا واضح لشخصيات النظام الأخرى بما في ذلك المستفيدون السابقون من تحيز خامنئي. فقد أدان العملية أحمدي نجاد الذي لم يتأهل للسباق أمام إبراهيم رئيسي. والرئيس حسن روحاني حث خامنئي على إلغاء بعض قرارات «مجلس صيانة الدستور». لكن المرشد الأعلى لم يصغِ لأحد. وحث خامنئي الإيرانيين مرة أخرى على القيام بواجبهم وعدم الالتفات إلى دعوات المقاطعة. وسيكرر هذه الرسالة إلى حد الملل في الأسبوعين التاليين ويأمل ألا يكون لدى الناخبين شيء أفضل يقومون به من التصويت في يوم الجمعة 18 يونيو. والمنتخب القومي الإيراني لن يلعب مباراة في يوم الجمعة ذاك، لكن هناك مباراتين شيقتين أخريين. فقد يجد الإيرانيون، في يوم التصويت، أن مشاهدة مباراة الأرجنتين أمام أوروجواي أكثر تشويقاً وتنافسية، وربما لا تقل أهمية عن مباراة «رئيسي» أمام لا أحد. وهذا قد يجعل الخسارة من نصيب خامنئي.
*كاتب أميركي متخصص في الشؤون الخارجية
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطم بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»